كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 11)
طلاقًا صوابًا، فتمضي في عدةٍ من طلاق صواب، فإن شاء راجعها فكانت امرأته وبطلت العدة، وإن شاء تركها حتى تبين منه بطلاق صواب.
وهذا قول أبي حنيفة -رحمه الله-.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: شقيق بن سلمة وسعيد بن جبير وقتادة والنخعي والثوري والمزني من أصحاب الشافعي؛ فإنهم قالوا: "مَنْ طلق امرأته ... " إلى آخره. وهذا أيضًا قول أبي حنيفة.
وقال الكاساني في "البدائع": ولو طلق امرأته في حالة الحيض ثم راجعها، ثم أراد طلاقها ذكر في الأصل أنها إذا طهرت ثم حاضت ثم طهرت طلقها إن شاء.
وذكر الطحاوي أنه يطلقها في الطهر الذي يلي الحيضة.
وذكر الكرخي أن ما ذكره الطحاوي قول أبي حنيفة، وما ذُكِرَ في الأصل قول أبي يوسف ومحمد.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون منهم: أبو يوسف، فزعموا أنه إذا طلقها حائضًا لم يكن له بعد ذلك أن يطلقها حتى تطهر من هذه الحيضة، ثم تحيض حيضة أخرى ثم تطهر منها.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: سالمًا والليث بن سعد وعبد الملك بن جريج والزهري وعطاء الخراساني والحسن البصري ومالكًا وأبا يوسف والشافعي؛ فإنهم قالوا: إذا طلقها حال كونها حائضًا ... إلى آخر ما قاله، والتحقيق فيما قال هؤلاء ما قاله أبو عمر: أن للحيضة الثانية والطهر الثاني وجودًا عندهم ها هنا؛ لأن المراجعة لا يكاد يُعلم صحتها إلا بالوطء؛ لأنه المبتغي من النكاح في الأغلب، فكان ذلك الطهر موضعًا للوطء الذي يستبقى به المراجعة، فإذا مسها لم يكن سبيل إلى طلاقها في طهر قد مس فيه؛ لإجماعهم على أن المطلق في طهر قد مس فيه ليس بمطلق للعدة كما أمر الله -عز وجل- فقيل له: دعها حتى تحيض أخرى ثم تطهر، ثم طلِّق إن شئت قبل أن تمس.
الصفحة 31
560