كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 11)

عمر إلى رسول الله -عليه السلام- فأخبره، فقال رسول الله -عليه السلام-: ليمسكها حتى تحيض غير هذه الحيضة ثم تطهر، فإن بدا له أن يطلقها طلقها كما أمره الله -عز وجل- وإن بدا له أن يمسكها أمسكها".
الثالث: عن يونس بن عبد الأعلى ... إلى آخره.
ورجاله كلهم رجال الصحيح.
وأخرجه البخاري (¬1): ثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: حدثني مالك، عن نافع، عن ابن عمر ... إلى آخره نحوه.
ومسلم (¬2): ثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك بن أنس، عن نافع ... إلى آخره نحوه.
قوله: "أن تطلق لها النساء" احتجت به الشافعية والمالكية أن الأقراء التي تعتد بها المرأة هي الأطهار؛ لأنه قال: "فإن شاء طلق -يعني- عند طهرها" ثم قال: "فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء".
ومعنى "لها" أي فيها، فثبت -عليه السلام- الطهر عنده.
قلت: لا نسلم أن "اللام" ها هنا بمعنى الظرف؛ لأن "اللام" تنصرف على معاني ليس من أقسامها ما يدل على كونها ظرفًا؛ لأن معانيها التي تستعمل على أوجه: "لام" الملك كقوله: له مال، و"لام" الفعل كقوله: له كلام وله حركة، و"لام" العلة كقولك: قام لأن زيدًا جاءه، وأعطاه لأنه سأله, و"لام" النسبة كقولك: له أخ وله أب، و"لام" الاختصاص كقولك: له علم وله إرادة، و"لام" الاستغاثة كقولك: يالَ بكر، ويالَ مضر و"لام" كي كقوله تعالى: {وَلِيَقْتَرِفُوا} (¬3)، و"لام" العاقبة كقوله تعالى: {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} (¬4).
¬__________
(¬1) "صحيح البخاري" (5/ 2011 رقم 4953).
(¬2) "صحيح مسلم" (2/ 1093 رقم 1471).
(¬3) سورة الأنعام، آية: [113].
(¬4) سورة القصص، (8).

الصفحة 37