كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 11)
الثاني: عن عبد الحميد بن عبد العزيز أبي خازم -بالمعجمتين- القاضي، أحد فقهاء الدنيا واحد الأئمة الحنفيَّة الكبار، الثقة الثبت، عن أحمد بن منصور بن سيَّار الرمادي شيخ ابن ماجه وأبي عوانة الإِسفراييني، عن عبد الرزاق ... إلى آخره.
وأخرجه البيهقي (¬1) وغيره من حديث عبد الرزاق نحوه.
قوله: "أناة" بفتح الهمزة أي مهلة وبقية استمتاع وانتظار للرجعة. وفي "المطالع": الأناة -بالفتح والقصر- وهو الثبت في الأمور وترك العجلة. والثاني هو المكث والإبطاء، يقال: أَنَيْتُ وأَنَّيْتُ -مشددًا- وتَأَنَّيت.
قوله: "فخاطب عمر بذلك" أي بهذا القول الناس جميعًا، والحال أن فيهم أصحاب رسول الله -عليه السلام-.
قوله: "فكان ذلك" أي رضاهم كلام عمر وعدم ردهم إياه أكبر الحجة؛ لأنه صار إجماعًا، والإجماع من أقوى الحجج؛ بدليل قوله -عليه السلام-: "لا تجتمع أمتي على الضلالة" (¬2) ولا سيما هؤلاء السادات من الصحابة -رضي الله عنهم- ومثل عمر بينهم.
قوله: "في نسخ ما تقدم من ذلك" أي من حديث ابن عباس.
فإن قيل: ما وجه هذا النسخ وعمر -رضي الله عنه- لا ينسخ؟! وكيف يكون النسخ بعد النبي -عليه السلام-؟! ولو كان عمر نسخ ذلك لبادرت الصحابة إلى إنكار ذلك عليه، وإن كان يراد أنه نسخ في حياة النبي -عليه السلام- فهو إرادة صحيحة ولكنه يُلزم المحذور من وجه آخر؛ وهو أنه يخرج عن ظاهر الخبر في قوله: "كان على عهد النبي -عليه السلام- وأبي بكر"؛ لأنه إذا نسخ في عهد النبي -عليه السلام- لم يصدق الراوي فيما قال.
¬__________
(¬1) "سنن البيهقي الكبرى" (7/ 336 رقم 14749).
(¬2) أخرجه الترمذي (4/ 466 رقم 2167)، والحاكم في "مستدركه" (1/ 199 رقم 391) من حديث ابن عمر -رضي الله عنه-.
ورواه أحمد في "مسنده" (6/ 396 رقم 27267) من حديث أبي بصرة الغفاري، ورواه ابن ماجه في "سننه" (2/ 1303 رقم 3950) وغيره من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
الصفحة 50
560