كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 11)

فإن قيل: قد روى نبهان، عن أم سلمة قالت: "دخل عليَّ رسول الله -عليه السلام-، وأنا وميمونة جالستان، فاستأذن عليه ابن أم مكتوم الأعمى، فقال: احتجبا منه. فقلنا: يا رسول الله، أليس بأعمى؟ قال: أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟ " (¬1).
ففي هذا دليل على أنه واجب على المرء أن يحجب امرأته عن الأعمى، ويشهد له قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} (¬2).
قلت: نبهان مجهول، لم يرو عنه غير ابن شهاب، روى عنه حديثين، أحدهما هذا، والآخر حديث "المكاتب إذا كان معه ما يؤدي وجب الاحتجاب منه" (¬3).
وهذان الحديثان لا أصل لهما، وحديث فاطمة بنت قيس حديث صحيح الإسناد، والحجة به لازمة، وحديث نبهان لا تقوم به حجة.
وقال أبو داود بعد أن ذكر حديث نبهان عن أم سلمة: وهذا لأزواج النبي -عليه السلام- خاصة.
الثالث: فيه إشارة إلى جواز إخراج المعتدة من بيتها الذي طلقت فيه إذا آذت وفحشت على أهل الدار، قال الله تعالى: {وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (¬4) قال ابن عباس: هو النشوز وسوء الخلق.
وقيل: هو أن تأتي فاحشةً فتخرج لإقامة الحد.
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود في "السنن" (2/ 462 رقم 4112)، والترمذي في "الجامع" (5/ 102 رقم 2778) وأحمد في "المسند" (6/ 296 رقم 26579).
(¬2) سورة النور، آية: [31].
(¬3) أخرجه بنحوه أبو داود في "السنن" (2/ 414 رقم 3928)، والترمذي في "الجامع" (؟؟؟؟)، والنسائي في "السنن الكبرى" (2/ 198 رقم 5030)، وابن ماجه في "السنن" (2/ 842 رقم 2520)، وأحمد في "المسند" (6/ 289 رقم 26516).
(¬4) سورة الطلاق آية: [1].

الصفحة 99