كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 11)

احتجّ بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ردّ ابنته بالنكاح الأول (¬1) يقول: لو كانت العصمة قد انقطعت لم يردها عليه.
ويروى عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ردّها بنكاح جديد ومهر جديد (¬2). فهي مشكلة. وكان مالك والزهري يذهبان أنه إذا جاء فأسلم وهي في العدة كان أحق بها.
وقد كان قال لي أبو عبد اللَّه: إذا أسلم -وهي في العدة- وارتدّ، ثم أسلم -وهي في العدة- فهو أحق بها، ثم هابها بعد. ثم رجع أبو عبد اللَّه بعد فقال: إذا أسلم وهي في العدة فهو أحق بها.
وقد كان الشافعي -رحمة اللَّه عليه- احتجّ على أصحاب أبي حنيفة بهذا أنه أحقّ بها ما دامت في العدة، وأدخل على أصحاب أبي حنيفة إنكم تقولون: إذا كان في دار الحرب ثم أسلم وهي في العدة أنه أحق بها، فما الفرق بينه وبين دار الحرب وغير دار الحرب؛ لأن أصحاب أبي يوسف -يعني: قالوا: إذا ارتدّت المرأة وأسلمت فقد انقطعت العصمة فيما بينهما- ويقولون: إذا أسلمت في دار الحرب ثم أسلم زوجها كان أحق بها ما لم تنقض العدة. فقال لهم الشافعي: هذا يدخل عليكم.
¬__________
(¬1) رواه الإِمام أحمد 1/ 217، أبو داود (2240)، والترمذي (1143)، وابن ماجه (2009) من حديث ابن عباس مع اختلاف في متنه. ينظر لزامًا "مختصر أبي دواد" للمنذري، ومعه حاشية ابن القيم 3/ 150 - 154. والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1938) دون ذكر المدة. وانظر: "الإرواء" (1921).
(¬2) رواه أحمد 2/ 207، والترمذي (1142)، وابن ماجه (2010) من طريق الحجاج ابن أرطاة عن عمرو به. قال الترمذي: في إسناده مقال.
وقال الدارقطني في "سننه" 3/ 253 بعد روايته: هذا لا يثبت، وحجاح لا يحتج به. والصواب حديث ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ردها بالنكاح الأول. اهـ.

الصفحة 120