كتاب التنوير شرح الجامع الصغير (اسم الجزء: 11)

9574 - "هلاك أمتي على يدي غلمة من قريش. (حم خ) عن أبي هريرة" (صح).
(هلاك أمتي) قيل: أراد الموجودين أو من قارب من زمانهم لا كل الأمة إلى يوم القيامة. (على يدي) بالتثنية (غلمة) جمع غلام والغلام الصغير إلى حد الالتحاء فإن سمي بعد ذلك غلامًا فهو مجاز (من قريش) قال القرطبي: وجماعة من الأئمة منهم يزيد بن معاوية وأضرابه من أحداث ملوك بني أمية، قال القرطبي (¬1): غير خاف ما صدر عن بني أمية وحَجَّاجِهِمْ من سفك الدماء وإتلاف الأموال وإهلاك الناس بالحجاز والعراق، وغيرهما قال: وبالجملة فبنو أمية قابلوا وصية المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في أهل بيته وأمته بالمخالفة والعقوق وسفكوا دماءهم وسبوا نساءهم وأسروا صغارهم وخربوا ديارهم وجحدوا شرفهم وفضلهم واستباحوا نسلهم ونسبهم وسبيهم فخالفوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وصيته ونقضوا عهده فيا خجلهم إذا التقوا بين يديه ويا فضيحتهم يوم يعرضون عليه انتهى.
قلت: وكلامه يقتضي أنه أريد بالأمة أهل البيت عليهم السلام إلا أنه يحتمل أنه غير خاص بمن ذكر من أهل عصره ومن قرب منهم كما قال بل المراد هلاكهم إلى آخر الدهر فإنه اقتدى الناس ببني أمية ودامت الفتن والهلاك على أعيان الأمة من الآل ومن بني العباس وغيره. والهلاك إما بسفك الدماء أو بهلاك الأديان كما تفرع عن بني أمية وبني العباس بغض الآل وكراهة الأكثر لهم وعدم الرعاية لحقوقهم، وفيه ما يدل على أن ولاة الجور والخونة لعهود الله ليسوا من أمته. (حم خ (¬2) عن أبي هريرة) قال: سمعت الصادق المصدوق
¬__________
(¬1) انظر: فتح الباري (13/ 10).
(¬2) أخرجه أحمد (2/ 324)، والبخاري (7058).

الصفحة 22