كتاب التنوير شرح الجامع الصغير (اسم الجزء: 11)

(ابن عساكر (¬1) عن سلمة بن الأكوع) ورواه عنه بلفظه أبو نعيم والديلمي.

9621 - "ويح عمار: تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار. (حم خ) عن أبي سعيد (صح) ".
(ويح عمار) بالجر على الإضافة وهو ابن ياسر الصحابي الجليل (تقتله الفئة
¬__________
= دعوني أذهب إلى يزيد فأضع يدي في يده. قال ابن الصلاح - رحمه الله -: "لم يصح عندنا أنه أمر بقتله -أي الحسين - رضي الله عنه -، والمحفوظ أن الآمر بقتاله المفضي إلى قتله -كرمه الله- إنما هو عبيد الله ابن زياد والي العراق إذ ذاك".
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "إن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق، ولما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك وظهر البكاء في داره , ولم يسب لهم حريما بل أكرم أهل بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلادهم، أما الروايات التي في كتب الشيعة أنه أهين نساء آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنهن أخذن إلى الشام مسبيات وأهن هناك هذا كله كلام باطل، بل كان بنو أمية يعظمون بني هاشم، ولذلك لما تزوج الحجاج بن يوسف فاطمة بنت عبد الله بن جعفر لم يقبل عبد الملك بن مروان هذا الأمر، وأمر الحجاج أن يعتزلها وأن يطلقها، فهم كانوا يعظمون بني هاشم، بل لم تسب هاشمية قط" ا. هـ.
قال ابن كثير - رحمه الله -: "وليس كل ذلك الجيش كان راضيًا بما وقع من قتله -أي قتل الحسين- بل ولا يزيد بن معاوية رضي بذلك الله أعلم ولا كرهه والذي يكاد يغلب على الظن أن يزيد لو قدر عليه قبل أن يقتل لعفا عنه، كما أوصاه أبوه، وكما صرح هو به مخبرا عن نفسه بذلك، وقد لعن ابن زياد على فعله ذلك وشتمه فيما يظهر ويبدو" ا. هـ أما إباحة المدينة ثلاثًا لجند يزيد يعبثون بها يقتلون الرجال ويسبون الذرية وينتهكون الأعراض، فهذه كلها أكاذيب وروايات لا تصح، فلا يوجد في كتب السنة أو في تلك الكتب التي ألفت في الفتن خاصة كالفتن لنعيم بن حماد أو الفتن لأبي عمرو الداني أي إشارة لوقوع شيء من انتهاك الأعراض، وكذلك لا يوجد في أهم المصدرين التاريخيين المهمين عن تلك الفترة (الطبري والبلاذري) أي إشارة لوقوع شيء من ذلك، وحتى تاريخ خليفة على دقته واختصاره لم يذكر شيئًا بهذ الصدد، وكذلك إن أهم كتاب للطبقات وهو طبقات ابن سعد لم يشر إلى شيء من ذلك في طبقاته. وهذا الذي استقرت عليه عقيدة أهل السنة والجماعة وللتفصيل راجع المقدمة.
(¬1) أخرجه ابن عساكر كما في الكنز (34270)، والديلمي في الفردوس (7147)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (6135).

الصفحة 42