كتاب التنوير شرح الجامع الصغير (اسم الجزء: 11)

الباغية) هو معاوية وأصحابه (يدعوهم إلى الجنة) بمبايعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - (ويدعونه إلى النار) بالخروج عن طاعته وقع ذلك بصفين دعاهم عمار إلى طاعة علي - رضي الله عنه - ودعوه إلى عدم طاعته، فطاعة علي - رضي الله عنه - توجب الجنة، وعدم طاعته توجب النار (¬1) وهذا من أعلام النبوة وقد أطلنا فيه في كتابنا الروضة الندية شرح التحفة العلوية قال القرطبي: وهذا من أثبت الأحاديث وأصحها ولما لم يقدر معاوية على إنكاره قال: إنما قتله من أخرجه فأجابه علي - رضي الله عنه -: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل حمزة حين أخرجه، قال ابن دحية: هذا من علي إلزام مفحم لا جواب عنه وحجة لا اعتراض عليها وقد أجمع معظم أهل السنة والحديث وغيرهم على أن معاوية باغ وأن عليًّا - رضي الله عنه - مصيب في قتاله كما أنه مصيب في قتال أهل الجمل، نقل هذا الإجماع عبد القاهر الجرجاني في كتابه في الإمامة، ونقل أبو منصور أن عقيدة أهل السنة: أن عليا - رضي الله عنه - كان مصيبًا في قتال أهل صفين كإصابته في قتال أهل الجمل انتهى وأما مذهب أهل البيت -عليهم السلام- في ذلك فهو معروف (¬2).
¬__________
(¬1) لا يحكم أهل السنة والجماعة لرجل بوجوب الجنة والنار إلا بنص قطعي من الكتاب والسنة، ولا يوجد نص قطعي حول معاوية - رضي الله عنه - في هذا، أما كون أحدهما مصيبًا أو مخطئًا فهذا لا مانع من الحكم به لكن كل منهما مجتهد والمصيب له أجران والمخطيء له أجر كما سيأتي.
(¬2) وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية: وهذا يدل لصحة إمامة علي ووجوب طاعته وأن الداعي إلى طاعته داعي بلى الجنة، والداعي إلى مقاتلته داع إلى النار -وإن كان متأولًا- وهو دليل على أنه لم يكن يجوز قتال علي، وعلى هذا فمقاتله مخطيء -وإن كان متأولًا- أو باغ -بلا تأويل- وهو أصح القولين لأصحابنا، وهو الحكم بتخطئة من قاتل عليًّا، وهو مذهب الأئمة لأصحابنا، وهو الحكم بتخطئة من قاتل عليًّا، وهو مذهب الأئمة الفقهاء الذين فرعوا على ذلك قتال البغاة المتأولين. مجموع الفتاوى (4/ 437). وقال أيضًا: مع أن عليًّا أولى بالحق ممن فارقه، ومع أن عمار قتلته الفئة الباغية -كما جاءت به النصوص- وعلينا أن نؤمن بكل ما جاء من عند الله ونقر بالحق كله، ولا يكون لنا هوى، ولا نتكلم بغير علم، بل نسلك سبل العلم والعدل، ذلك هو اتباع الكتاب والسنة، وأما من تمسك ببعض الحق دون بعض، وهذا منشأ الفرقة والاختلاف. انظر: مجموع الفتاوى =

الصفحة 43