فصرتُ إلى أمي فأخبرتها.
فقالت: صدق يا بني! هو صديق لأبيك، فألبستني ثوباً من ثيابه وإزاراً من إزاره، ثم جئت إلى المعافى بن عمران ومعي محبرة وورق، فقال: اكتب: حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبد ربه بن سليمان قال: كتبت لي أمُّ الدرداء في لوحي مما تعلمني: اطلبوا العلم صغاراً تعملوا به كباراً؛ فإن لكل حاصدٍ ما زرع - خيراً كان أم شراً - فكان أول حديث سمعته (¬1).
وفي معنى كلام أم الدرداء رضي الله تعالى عنها: الحديث الذي أورده النحاة مستشهدين به على حذف فعل الشرط، وعلى حذف كان واسمها: "النَّاسُ مَجْزِيُّونَ بِأَعْمالِهِم؛ إِنْ خَيْراً فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ" (¬2)؛ أي: إن كان العمل خيراً فجزاؤه خير، وإن كان شراً فجزاؤه شر.
وبهذا اللفظ أخرجه ابن جرير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما موقوفاً عليه (¬3).
وروى الديلمي بسند ضعيف، عن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنِ اسْتَوَىْ يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُوْنٌ، وَمَنْ كَانَ آخِرُ
¬__________
(¬1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (55/ 49).
(¬2) انظر: "الكتاب" لسيبويه (1/ 258).
(¬3) رواه الطبري في "التفسير" (1/ 68)، وكذا ابن أبي حاتم في "التفسير" (1/ 29)