كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 11)

خَيرًا قَيَّضَ اللهُ لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ مَلَكاً يُوْفِّقُهُ وَيُسَدِّدُهُ حَتَّى يَقُوْلَ النَّاسُ: مَاتَ فُلاَنٌ عَلَىْ خَيرِ مَا كَانَ، فَإِذَا حَضَرَ وَرَأَىْ ثَوَابَهُ مِنَ الجَنَّةِ تهَوَّعُ نَفْسُهُ أَوْ قَالَ تَهَوَّعَتْ نَفْسُهُ، فَذَلِكَ حِينَ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ وَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدِهِ شَرًّا بَعَثَ اللهُ لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ شَيْطَاناً، فَافْتَتَنَهُ حَتَّى يَقُوْلَ النَّاسُ: مَاتَ فُلاَنٌ عَلَىْ شَرِّ مَا كَانَ، فَإِذَا حَضَرَ وَرَأَىْ مَا يَنزِلُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَذَابِ فَبَلَعَ نَفسه بِذَلِكَ حِينَ كِرَهَ لِقَاءَ اللهِ وَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ" (¬1).
وقولها: فبلع نفسه - بكسر اللام - أي: حاول أن يبتلعها ويردها لئلا تخرج.
وروى الإمام أحمد - ورواته رواة "الصحيح" - عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ أَبْغَضَ لِقَاءَ اللهِ بَغَضَ اللهُ لِقَاءَهُ".
قلنا: يا رسول الله! كلنا يكره الموت؟
قال: "لَيْسَ كَرَاهَةَ المَوْتِ، وَلَكِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَ جَاءَهُ الْبَشِيْرُ مِنَ اللهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ قَدْ لَقِيَ اللهَ فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ أَوِ الْكَافِرَ إِذَا حَضَرَ جَاءَهُ مَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ أَوْ مَا يَلْقَىْ مِنَ الشَّرِّ، فَكَرِهَ لِقَاءَ اللهِ فَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ" (¬2).
¬__________
(¬1) ورواه ابن المبارك في "الزهد" (1/ 346)، وانظر: "الإجابة لما استدركت عائشة على الصحابة" للزركشي (ص: 133).
(¬2) رواه الإمام أحمد في "المسند" (3/ 107). وصحح ابن كثير إسناده في=

الصفحة 447