كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 11)

وكفاك شاهداً على ذلك: أن الله عَزَّ وَجَلَّ شبه نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالأسد، ولو لم يكن ذلك من أكمل الثناء وأبلغ المدح لم يشبهه به، وذلك في قوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [المدثر: 49 - 51].
روى البزار بإسناد صحيح، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: القسورة: الأسد (¬1).
وروى الثعلبي عن ابن عباس قال: بلسان العرب: الأسد، وبلسان الحبشة: القسورة، وبلسان فارس: شير، وبلسان القبط: ارثا (¬2).
قال السمرقندي في "تفسيره": وذلك أن الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت، فكذلك هؤلاء المشركون إذا سمعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ القرآن هربوا منه، انتهى (¬3).
وقد يشير إلى ذلك قوله تعالى: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} [الإسراء: (46)].
قلت: واختير لفظ القسورة في الآية لمناسبة رؤوس الآي، ولأنه
¬__________
(¬1) قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 132): رواه البزار ورجاله ثقات. ورواه الطبري في "التفسير" (29/ 170)، وذكره البخاري (4/ 1874) معلقاً.
(¬2) رواه الثعلبي في "التفسير" (10/ 79).
(¬3) انظر: "تفسير السمرقندي" (3/ 496).

الصفحة 456