وقالوا أيضاً: أبصر من غراب.
قال الزمخشري: يغمض إحدى عينيه اجتزاءً بالواحدة (¬1).
والعرب تسميه أعور لذلك على طريق القلب، كان حدَّة بصرها تناهت حتى انقلبت إلى العكس.
وقال الشاعر: [من الطويل]
وَقَدْ ظَلَمُوهُ حِينَ سَمَّوْهُ سَيِّدا ... كَما ظَلَمَ النَّاسُ الغُرابَ بِأَعْوَرا (¬2)
وقالوا: أبصر من كلب، وأبصر من فرس (¬3).
وربما قالوا:
أبصر من فرس ... في ظلماء ليل وغَلَس
وقالوا: أبصر من فرس بيهماء في غلس.
قال الزمخشري: تزعم الفرس أنه ليس في الدواب أبصر من الفرس؛ فإنه لو أجريَ في الضباب الكثيف، ومُدت في طريقه شعرة لوقف عند انتهائه إليها (¬4).
والتشبه بهذه المبصرات بأن يكون الإنسان بصيراً بالأمور، حذوراً يُبصر الحق ويتبعه، ولا يقدم على أمر حتى ينظر في عواقبه،
¬__________
(¬1) انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 21).
(¬2) انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (1/ 115).
(¬3) انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (1/ 116).
(¬4) انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 22).