كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 11/ 1)

مع الأعضاء الوطنيين في قاعة واحدة، ويتبادلون الرأي وجهاً لوجه، فبعثوا وفداً منهم إلى "باريز" ليبلغ حكومتهم استياءهم من أن يجلسوا مع الوطنيين في مكان واحد، بل طلبوا إلغاء مشاركة الوطنيين لهم في الشورى، ولكن المقيم العام بتونس أراد تخفيف ثورتهم، فقسم الاعضاء قسمين: معمرين، ووطنيين، وخصص لكل قسم مكاناً، وأقام حاجزاً بين مقاعد المستعمرين والوطنيين.
وأذكر أن (مسيو بارجو) وكيل الدولة في المملكة الفرنسية بتونس، قال وهو يدافع في قضية اعتدى فيها أحد المعمرين على وطني: "إن هؤلاء المعمرين قد لوثوا بجريمتهم سياسة فرنسا، ودنسوا وجهها الجميل، وأسقطوا سمعتها بين الأقوام الذين أتينا لحمايتهم".
* الاحتلال والتجنس بالجنسية الفرنسية:
ليس الوطنيون في نظر الحكومة المحتلة بأهل لأن يمنحوا الحرية التي يتمتع بها الفرنسيون، ولكنها فتحت باب التجنس بالجنسية الفرنسية على أن يكون للمتجنس الحقوق التي يتمتع بها الفرنسي الأصل، فعلت هذا ترغيباً للوطنيين في الخروج عن قوميتهم العربية إلى الجنسية الفرنسية، ولكن الوطنيين المسلمين أدركوا أن هذا التجنس يسلخهم من دينهم، ويطعن في قوميتهم ووطنيتهم، فأحجموا عنه إلا نفراً قليلاً استهوتهم منافعه العاجلة، فأثاروا سخط الأمة عليهم، وصارت تنظر إليهم بإنكار وازدراء، وأصرت على أن لا يدفنوا في مقابرها حتى اضطرت الحكومة، ورسمت لهم مقبرة خاصة بهم.
* الاحتلال وجرح عواطف الوطنيين الدينية:
معلوم أن الحكومة الفرنسية لا دينية، ولكنها تعمل في البلاد المحتلة

الصفحة 177