كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 11)

ذلك حديثان:
الأول في النهي عن البول فيه. ففي "صحيح مسلم" (¬١) من حديث جابر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى أن يُبال في الماء الراكد، ومن حديث أبي هريرة (¬٢) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا يبولنَّ أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه". وفي رواية (¬٣): "لا تَبُلْ في الماء الدائم الذي لا يجري ثم تغتسل فيه". وحديث أبي هريرة في "صحيح البخاري" (¬٤)، وفيه: "ثم يغتسل فيه".
فقد يقال من جانب الحنفية: هاهنا ثلاث قضايا:
الأولى: فرَّق الحديثُ بين الراكد وغيره، وهو قولنا.
[٢/ ١٥] الثانية: دلَّ على أنَّ البول في الماء الراكد ينجِّسه، ولم يشترط التغيير، فهو حجة لنا على من يشترطه.
الثالثة: قال في رواية البخاري: "ثم يغتسل فيه". وهو ظاهر في شمول الحكم للماء الذي يُمكِن الإنسانَ أن يغتسل فيه، ولابد أن يكون أكثر من قلتين؛ فهو حجة لنا على مَن يقول بالقُلتين.
أقول: أما القضية الأولى، فدلالة الحديث على التفرقة إنما هي بمفهوم المخالفة، والحنفية لا يقولون بها، فيلزمهم إلحاق الجاري بالراكد قياسًا،
---------------
(¬١) رقم (٢٨١).
(¬٢) رقم (٢٨٢).
(¬٣) لمسلم رقم (٢٨٢/ ٩٦).
(¬٤) رقم (٢٣٩).

الصفحة 23