كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 11)

وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: ١٤] فليس فيها ما ينافي أن تكون الأعمال من الإيمان، وإنما غاية ما فيها أن الاعتقاد القلبي ركن ضروري للإيمان، فلا يكون الإنسان مؤمنًا حقًّا بدونه. [٢/ ٣٦٦] فإن قوله: {لَمْ تُؤْمِنُوا} نفيٌ لإيمانهم، ويكفي في نفيه انتفاءُ ركن ضروري عنه كما لا يخفى. وقوله: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} لا يقتضي أن الإيمان كلَّه هو الذي يكون في القلب. ألا ترى أنه يصح أن يقال: لم يدخل الإسلام في قلب فلان، أو لم يدخل الدين في قلب فلان، مع الاتفاق أن الإسلام والدين لا يختص بما في القلب.
وأما ما في حديث جبريل: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ... » فقد أجاب عنه البخاري في «كتاب الإيمان» من «صحيحه» (¬١) قال: «باب سؤال جبريلَ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة، وبيان النبي صلى الله عليه وآله وسلم [له]، ثم قال: «جاء جبريل عليه السلام يعلِّمكم دينكم»، فجعل ذلك كله دينًا، وما بيَّن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لوفد عبد القيس من الإيمان، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: ٨٥]».
وقصة وفد عبد القيس التي أشار إليها هي في «الصحيحين» أيضًا وقد أوردها فيما بعد، فأخرج (¬٢) من طريق ابن عباس في قصة محاورة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهم: « ... فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع. أمرهم
---------------
(¬١) (١/ ١١٤ مع «الفتح»).
(¬٢) البخاري (٥٣) ومسلم (١٧).

الصفحة 559