كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 11)

وقد أجاب ابن خزيمة (¬١) عن هذا الحديث بأن للمسافر إذا أصبح صائمًا ثم بدا له أثناء النهار أن يفطر. وحاصل الجواب أنه - صلى الله عليه وسلم - أصبح في سفره صائمًا، ثم لما هاج به الوجع احتجم فأفطر. وكأن ابن عباس لم يكن قد بلغه أن الحجامة تُفطِّر الصائم، وعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أصبح صائمًا ثم رآه احتجم، ولم يبحث عمّا كان بعد الحجامة. فوقع في ظنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استمَّر على الصيام. ثم لما بلغه بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّ بعض الناس يرى أن الحجامة تفطِّر الصائم احتج بالقصة على حسب ظنه.
وهذا كما سَمع (¬٢) أسامةَ يُحدّث بحديث: "لا ربا إلا في النسيئة" (¬٣)، ولم يثبت عنده حديث: "لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا وزنًا بوزن، مثلًا بمثل، يدًا بيد" (¬٤)، فكان يفتي بحِلِّ الذهب بالذهب مع التفاضل نقدًا، وكذا الفضة بالفضة. ثم جاء أن بعض الصحابة أخبره بالحديث الآخر، فرجع (¬٥).
وكما أخبره أسامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة فلم يصلِّ فيها، فكان يفتي بذلك (¬٦). وقد صح عن بلال أنه دخل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الكعبة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بين العمودين المقدمين (¬٧).
وكما كان يرى أن لا قراءة في السِّريَّة، ويذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يقرأ
---------------
(¬١) في "صحيحه" (٣/ ٢٢٨).
(¬٢) أي ابن عباس.
(¬٣) أخرجه البخاري (٢١٧٨، ٢١٧٩) ومسلم (١٥٩٦).
(¬٤) أخرجه مسلم (١٥٨٤).
(¬٥) كما في "صحيح مسلم" (١٥٩٤/ ١٠٠).
(¬٦) أخرجه مسلم (١٣٣٠).
(¬٧) أخرجه البخاري (١٥٩٨) ومسلم (١٣٢٩).

الصفحة 64