كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 11)

وهذا مذهب الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: يقع مطلقًا. ولا يُعلم له سلف في ذلك.
فأما الآية فاحتج بها حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس، ثم زين العابدين علي بن الحسين (¬١)، ثم البخاري على عدم الوقوع مطلقًا. وزعم بعضهم كالأستاذ أنها لا تدل إلا على أنه لا يقع الطلاق على المرأة قبل نكاحها. فأما من قال: "إن تزوجتُ فلانةَ فهي طالق"، فلا تدل الآية على عدم وقوعه؛ لأنه إذا وقع فإنما يقع بعد النكاح.
وأقول: يقال: "طَلَقَتْ (بفتح اللام مخففة) فلانةُ" أي انحلَّت عقدةُ نكاحها بقول من الزوج. ويقال: "طلَّق فلان امرأته" أي جعلها تطلُق، كما يقال سرَّحها أي جعلها تسرح، وسيَّرها: جعلها تسير، وغير ذلك. فطلاق الرجل يتضمن أمرين: الأول: قوله الخاص. الثاني: وقوع الأثر على المرأة، فتنحلُّ به عقدةُ نكاحها.
وإذا قيل: "طلَّق فلان امرأته اليوم" فالمتبادر أن قوله وانحلال العقدة وقعا ذاك اليوم، فهذا هو الحقيقة. فمن قال لامرأته يوم السبت: "إذا جاء يوم الجمعة فأنتِ طالق" لم يصدُق على وجه الحقيقة أن يقال قبل يوم الجمعة: إنه طلَّق، ولا أن يقال: طلَّق يومَ السبت، ولا طلَّق قبل يوم الجمعة؛ ولكنه يقال بعد مجيء يوم الجمعة: إنه طلَّق. فإذا أُريد التفصيل قيل: علَّق طلاقَها يوم السبت وطَلَقَتْ يوم الجمعة.
ونظير ذلك: إذا جَرَح رجلٌ آخرَ يوم السبت جراحةً مات منها يوم
---------------
(¬١) أخرجه عنه عبد بن حميد كما في "الدر المنثور" (١٢/ ٧٩).

الصفحة 99