كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 11)

(ث-١١٩) ويشهد له ما رواه الشيخان من طريق أبي حيان، عن الشعبي، عن ابن عمر قال: سمعت عمر بن الخطاب على منبر رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... وثلاث وددت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عهد إلينا فيهن عهدًا ننتهي إليه: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا (¬١).
قال الجصاص: "فثبت بذلك أن الربا قد صار اسمًا شرعيًا؛ لأنه لو كان باقيًا على حكمه في أصل اللغة لما خفي على عمر؛ لأنه كان عالمًا بأسماء اللغة، لأنه من أهلها. ويدل عليه أن العرب لم تكن تعرف بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة نساء ربا، وهو ربا في الشرع، وإذا كان ذلك على ما وصفنا صار بمنزلة سائر الأسماء المجملة المفتقرة إلى البيان، وهي الأسماء المنقولة من اللغة إلى الشرع لمعان لم يكن الاسم موضوعًا لها في اللغة، نحو الصلاة والصوم والزكاة؛ فهو مفتقر إلى البيان، ولا يصح الاستدلال بعمومه في تحريم شيء من العقود إلا فيما قامت دلالته أنه مسمى في الشرع بذلك ... " (¬٢).
وقال أيضًا: "كان عمر من أهل اللسان، ولم يكن محتاجًا إلى البيان فيما كان
---------------
= قال البوصيري في مصباح الزجاجة (٣/ ٣٥): هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.
وسكت عليه ابن رجب في فتح الباري (٣/ ٢٦٣).
وروى عبد الرزاق في المصنف (١٤١٦١) عن سفيان بن عيينة.
والمروزي في السنة (١٩٢) عن وكيع، كلاهما، عن المسعودي، عن القاسم، قال: قال عمر: إنكم تزعمون أنا نعلم أبواب الربا, ولأن أكون أعلمها أحب إلى من أن يكون لي مثل مصر ومثل كورها, ولكن من ذلك أبواب لا تكاد تخفى على أحد، أن تباع الثمرة وهي مضعفة لما تطب، وأن يباع الذهب بالورق والورق بالذهب نسيئًا.
وذكره في المدونة (٣/ ٤٤١) من طريق وكيع به. قلت: لم يذكر المزي من شيوخ القاسم عمر ابن الخطاب.
(¬١) البخاري (٥٥٨٨)، صحيح مسلم (٣٠٣٢).
(¬٢) أحكام القرآن للجصاص (١/ ٦٣٤).

الصفحة 16