كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 11)

الباب الأول في حكم الربا
[م - ١١٥٧] الربا من كبائر الذنوب، بل هو من أسباب الهلاك، قال - صلى الله عليه وسلم -: (اجتنبوا السبع الموبقات) (¬١).
ومن أسباب محق البركات، {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: ٢٧٦]، ومتعاطيه قد أعلن الحرب على الله {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: ٢٧٩] وأهله من أهل الظلم: ظلموا أنفسهم، وظلموا عباد الله، وظلموا مجتمعاتهم {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩)} [البقرة: ٢٧٩].
وقد قرن الربا بأعظم الذنوب جرمًا حيث قرن بالشرك بالله وقتل النفس بغير حق، والسحر والزنا، وقذف المحصنات الغافلات، ومن فعله لم يكن من المتقين قال سبحانه: {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٢٧٨]. فعلق صفة الإيمان على ترك ما بقي من الربا.

والأدلة على تحريمه كثيرة:
فمن الكتاب قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥].
قال القرطبي: "والألف واللام -يعني في لفظ (الربا) - للجنس، لا للعهد، إذ لم يتقدم بيع مذكور يرجع إليه، كما قال تعالى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)} ثم استثنى {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [العصر: ١ , ٢ , ٣] " (¬٢).
فالآية دليل على أن الربا حرام مطلقًا، لا فرق بين قليله وكثيره.
---------------
(¬١) صحيح البخاري (٢٧٦٧)، ومسلم (٨٩).
(¬٢) تفسير القرطبي (٣/ ٣٥٦).

الصفحة 19