كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 11)

وأما تحريمه من السنة، فالأحاديث كثيرة، نكتفي منها بما ورد في الصحيح، من ذلك:
(ح-٦٦٤) ما رواه الشيخان من طريق سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد المدني، عن أبي الغيث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: اجتنبوا السبع الموبقات؟ قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات (¬١).
(ح-٦٦٥) وما رواه مسلم من طريق هشيم بن بشير، أخبرنا أبو الزبير، عن
---------------
= ولو كان هذا المعنى كما يقولون لأمكن أيضًا للمقرض، وهذا غير مراد للمفسرين والفقهاء أن يطالب المقترض بجبر ما فاته من منافع، وتعويض ما لحقه من أضرار نتيجة تخليه عن ماله إلى المقترض، فقد يحتاج إليه، ولا يكون المقترض قادرًا على رده إليه، وقد يعسر المقترض أو يفلس، فلا يخلو إقراض الفقراء والمحتاجين من مثل هذه المخاطر".
قلت: ولو كان معنى قوله: {لَا تَظْلِمُونَ} [البقرة: ٢٧٩] كما فسره الجمهور لكان رد المدين أقل من الدين الذي عليه كما لو أبرأه الدائن لا يجوز، ولا خلاف فيما أعلمه أنه لو رد المقترض أقل مما اقترضه من غير شرط، ورضي المقرض أن ذلك جائز.
انظر بدائع الصنائع للكاساني (٧/ ٣٩٤، ٣٩٥)، الأم للشافعي (٣/ ٤٢).
واختلفوا فيما لو اشترط عليه ذلك.
فقيل: لا يجوز مطلقاً، وهذا أحد الوجهين عند الشافعية، والمذهب عند الحنابلة، وقول ابن حزم من الظاهرية.
وقيل: يجوز مطلقاً، وهو وجه عند الشافعية، وقول مرجوح في مذهب الحنابلة.
وقيل: إن كان المال المقرض مما يجري فيه الربا فلا يجوز اشتراط الوفاء بالأقل، وإن كان مما لا يجري فيه الربا فيجوز اشتراط الأقل، اختاره بعض الحنابلة.
والراجح جوازه، وسوف نتعرض لهذه المسألة بالبحث إن شاء الله تعالى في مظانها من هذه المنظومة.
(¬١) صحيح البخاري (٢٧٦٧)، وصحيح مسلم (٨٩).

الصفحة 21