كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 11)
والمجيزون لذلك بعضهم يكيف الودائع على أنها عقد مضاربة، مع ضمان رأس المال وربح معلوم (¬١)، ومعلوم أن ضمان رأس المال في عقد المضاربة، أو تحديد مقدار الربح لرب المال يجعله باطلاً بالاتفاق، وسيأتي إن شاء الله النقل عن ذلك.
وبعضهم يكيفها على أنها ديون، ولكن جاز أخذ الفائدة عليها؛ لأن آخذها قد أخذها للتنمية والإنتاج، فهو سيربح منها أمولًا طائلة، فلا مانع من أخذ زيادة معينة ما دام أن القرض لم يكن من القروض الاستهلاكية، وإنما هي قروض إنتاجية.
---------------
= ويرى الأستاذ الدواليبي إمكان تخريجه على فكرة الضرورة، وعلى فكرة تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، كما لو تذرع العدو بمسلم، فلا مناص من قتل المسلم حتى يمكن الوصول إلى العدو".
ويقول الشيخ صالح الحصين في نفس العدد، في معرض تعليقه على التفريق بين الفائدة البنكية وبين الربا: "وحينما عقد أسبوع الفقه الإِسلامي في باريس عام ١٩٥٣ م، حضره مجموعة كبيرة من القانونيين الغربيين، كما حضره من المسلمين الدكتور معروف الدواليبي، والشيخ محمَّد عبد الله دراز، وتبعًا لطريقة الدكتور معروف الدواليبي في التفكير، وشغفه بالحلول السياسية حتى بالنسبة للمشاكل الفقهية، ونظرًا لعاطفته الإِسلامية القوية، ورغبته في أن يجمل وجه الفقه الإِسلامي أمام علماء القانون الغربيين، وأن يقنعهم بأن الإِسلام صالح لكل زمان ومكان، وأنه لا يعارض المصالح الواقعية، فقد عرض نظرية غرببة مفادها: أن الإِسلام لا يحرم ربا النسيئة في كل صوره، وإنما يحرم هذا الربا في مجال قروض الاستهلاك، أما مجال قروض الإنتاج والاستثمار فلا يحرم فيها ربا النسيئة، ويجوز فيها تقاضي الفوائد عن القروض، ولحسن الحظ فقد كان طرح الشيخ محمَّد عبد الله دراز في تلك الندوة معاكسًا تمامًا لطرح الدكتور الدواليبي، إذ أوضح أن الإِسلام يحرم ربا النسيئة بمختلف صوره دون تفريق بين مجال قروض الاستهلاك والاستثمار، وأنه من المستحيل إثبات وجود مثل هذا التفريق".
(¬١) كما يذهب إلى ذلك فضيلة الشيخ الدكتور محمَّد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر.