كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 11)

وعبد الرزاق السنهوري (¬١).

دليل من قال بهذا القول:
الدليل الأول:
أن الربا الوارد في القرآن هو ربا الجاهلية، وقد فسره مجاهد، وعطاء، وقتادة كما نقله ابن جرير عنهم في تفسيره، واقتصروا عليه، وهو أن ربا الجاهلية أن يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى، فإذا حل الأجل طلبه من صاحبه، فيقول له الذي عليه المال: أخر عني دينك وأزيدك على مالك، فيفعلان، فذلك هو الربا أضعافًا مضاعفة، فنهاهم الله عز وجل في إسلامهم عنه.

ويناقش من وجوه:
الوجه الأول:
بأن ربا الجاهلية المذكور في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا
---------------
= ولعل هذا الرأي الذي تبناه الشيخ محمَّد رشيد رضا تطبيق عملي لما نصح به أستاذه الشيخ محمَّد عبده، فقد قال الشيخ محمَّد عبده عفا الله عنه: "إن الناس تحدث لهم باختلاف الزمان أمور، ووقائع لم ينص عليها في هذه الكتب، فهل نوقف سير العالم لأجل كتبهم؟ هذا لا يستطاع، ولذلك اضطر العوام والحكام إلى ترك الأحكام الشرعية، ولجأوا إلى غيرها. إن أهل بخارى جوزوا الربا لضرورة الوقت عندهم، والمصريون قد ابتلوا بهذا، فشدد الفقهاء على أغنياء البلد، فصاروا يرون أن الدين ناقص، فاضطر الناس إلى الاستدانة من الأجنبي بأرباح فاحشة استنزفت ثروة البلاد، وحولتها للأجانب، والفقهاء هم المسئولون عند الله تعالى عن هذا، وعن كل ما عليه الناس من مخالفة الشريعة؛ لأنه كان يجب عليهم أن يعرفوا حالة العصر والزمان، ويطبقوا عليها الأحكام بصورة يمكن للناس اتباعها - أي كأحكام الضرورات - لا أنهم يقتصرون على المحافظة على نقوش هذه الكتب ورسومها، ويجعلونها كل شيء، ويتركون لأجلها كل شيء ... ".
انظر تاريخ الأستاذ محمَّد رشيد رضا (١/ ٩٤٤)، عن اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر الهجري (٢/ ٧٤٢).
(¬١) مصادر الحق (٣/ ٢١٧) وما بعدها.

الصفحة 90