كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

[وقال عبد الله بن الإمام أحمد بإسناده عن جعفر قال: ] كان حبيب (¬1) من أكثر الناس بكاءً؛ بكى ذاتَ ليلة بكاءً كثيرًا، فقالت له عَمْرةُ بالفارسية: كم (¬2) تبكي! فقال: دعيني، فإني أُريد أن أسلك طريقًا لم أسلكه قبل.
قال: [وسمعتُه يقول: ] إن الشيطان ليلعب بالقرَّاء كما يلعب الصبيان بالجَوْز.
[قال: ] ولو دعاني الله تعالى يومَ القيامة وقال: يا حبيب، هل جئتَني بصلاة يوم، أو صوم يوم، أو ركعة، أو تسبيحة، أو سجدة، سَلِمَتْ من إبليس؟ ما استطعتُ أقول: نعم (¬3).
[وروى أبو نُعيم عن أحمد بن أبي الحواريّ قال: سمعتُ أبا] سليمان الداراني [يقول: ] كان حبيب (¬4) يأخذ متاعًا من التُّجَّار يتصدَّق به، فأخذ مرَّةً، فلم يجد شيئًا يُعطيهم، فقال: يا ربّ، ينكسر (¬5) وجهي عندهم. فدخلَ بيتَه فإذا جُوالقُ شعر (¬6) من أرض البيت إلى السقف مملوءةٌ دراهم، فقال: يا رلث، ليس هذا أردتُ [أو ليس أريد هذا. قال: ] فأخذ حاجته وترك الباقي.
[وقال أبو بكر بن عبيد المعروف بابن أبي الدنيا: حدثني أبو إسحاق الأدمي (¬7) قال: سمعتُ] مسلم بن إبراهيم [يقول: ] إن رجلًا (¬8) أتى حبيبًا [أبا محمد] فقال: إن لي عليك ثلاث مئة درهم. قال: من أين؟ قال: لي عليك. فقال له حبيب: اذهبْ إلى
¬__________
(¬1) في (ب) و (خ) و (د): وكان حبيب. والمثبت عبارة (ص) والكلام بين حاصرتين منها. والخبر في "حلية الأولياء" 6/ 154.
(¬2) في "حلية الأولياء": لِمَ.
(¬3) في (ص): أني أقول نعم، وفي "حلية الأولياء" 6/ 153، و"تاريخ دمشق" 4/ 176 (والكلام فيه): أن أقول نعم أي ربّ. وفي "صفة الصفوة" 3/ 317 بنحوه.
(¬4) في (ب) و (خ) و (د): وقال أبو سليمان الداراني: كان حبيب ... والمثبت عبارة (ص). والكلام الواقع بين حاصرتين منها. والخبر في "حلية الأولياء" 6/ 153، و"تاريخ دمشق" 4/ 175.
(¬5) في "الحلية": يا ربّ. كأنه قال إنه ينكسر ... إلخ. وبنحوه في "تاريخ دمشق".
(¬6) الجُوالق وعاء خَيْش ونحوه، يوضع فيه عادةً القمح ونحوه.
(¬7) هو إبراهيم بن راشد بن سليمان. ينظر "تاريخ بغداد" 6/ 586. وتحرفت لفظة "الأدمي" في (ص) (والكلام منها) إلى الأدري.
(¬8) في (ب) و (خ) و (د): وقال مسلم بن إبراهيم إن رجلًا ... والمثبت عبارة (ص). والكلام بين حاصرتين منها.

الصفحة 102