كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

[وروى أبو نُعيم عن أحمد بن أبي الحواري قال: ] كان (¬1) حبيب: يقول: من لم يُقِرَّ عينَه (¬2) بك فلا قرَّت، ومن لم يأنس بك فلا أنِس.
[وروى ابنُ أبي الدنيا عن عبد الواحد بن زيد قال: ] كانت عَمْرَةُ (¬3) زوجة أبي محمد حبيب سيِّئةَ الخُلُق؛ قالت له يومًا: قد أخرجتَ كلَّ ما كان عندك، وهَبْ أني وأنت نصبر (¬4)، ما تصنع بهؤلاء الصبيان؟ فقُم واخْرُجْ وتسبَّبْ.
فخرج إلى المقابر، وأقام يصلي طوال النهار (¬5)، ثم رجع آخر النهار إلى بيته، فقالت: أين كنت؟ فقال: أجَّرْتُ نفسي من (¬6) مستعمل أعمل معه. ثم فعل ذلك أيَّامًا، فقالت له: فأين أجرتُك؟ اطْلُبْ من مستعملك القُوت.
فلما غدا إلى الجَبَّان (¬7) قام فصلَّى على عادته، ثم قال: إلهي قد علمتَ الحال، وأنت مطَّلعٌ على السرائر، وقد قالت عَمْرَةُ ما قد علمتَ، ولولاها ولولا الصِّبيان (¬8) لصبرت.
ثم أقام إلى الليل، وجاء بعد العشاء الآخرة، وإذا بمائدة قد نُصبت والصبيان يلعبون حولَها والمرأة مسرورة، فدخل البيت وإذا بأكياس فيها دراهم وثياب كثيرة، فقال (¬9): من أين هذا؟ فقالت عمرة: بعث به مستعملُك إلينا مع غلمان صِباح الوجوه، ما رأيتُ في الدُّنيا أحسنَ من وجوههم، وقالوا: سلِّمي على حبيب، وقولي له: يقولُ
¬__________
(¬1) في (ب) و (خ) و (د): وكان. والمثبت عبارة (ص) والكلام بين حاصرتين منها. ولم أقف على الخبر عند أبي نُعيم. وهو في "تاريخ دمشق" 5/ 177، و"صفة الصفوة" 3/ 320.
(¬2) في (ب) و (د): عينيه.
(¬3) في (ب) و (خ) و (د): وقال عبد الواحد بن زيد: كانت عمرة. والمثبت عبارة (ص). والكلام بين حاصرتين منها.
(¬4) كلمة: نصبر، ليست في (ص).
(¬5) في (خ): الليل، وهو خطأ.
(¬6) في (ص): إلى.
(¬7) في (ص): الجبَّانة. وهما بمعنى، يعني المقبرة.
(¬8) في (ب): ولولا هي والصبيان. وفي (ص): ولولا هؤلاء الصبيان.
(¬9) في (ص): فقالوا.

الصفحة 104