كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

المؤمنين، فتعتذرُ إليه مما بلغه عنك. فقال خالد: كيف أمضي إليه بغير إذنه؟ قال: فتسيرُ إلى آخر عملك، وأتقدَّم أنا، فأستأذنُه في القدوم عليه. قال: ولا هذا. قال: فأذهبُ إلى هشام، فأضمنُ له جميعَ ما انكسر في هذه السنين، وآتيك بعهدك مستقبلًا. قال: وما مبلغُه؟ قال: مئة ألف ألف. قال: ومن أين أجد هذا، واللهِ ما أجدُ عَشَرةَ ألفِ ألف (¬1). قال طارق: أتحمَّلُ أنا وسعيد بن راشد [أربعين] ألف ألف درهم والزَّينبي وأبانُ بنُ الوليد عشرين ألفَ ألفٍ، ونفرِّق الباقي على العمال. فقال خالد: إني إذًا للئيمٌ حيث سوَّغْتُ قومًا (¬2) نعمةً ثم أرجعُ فيها! فقال طارق: إنَّا نقيك بأنفسنا وأموالنا (¬3)، ونستأنفُ الدنيا، وتبقى النعمة عليك وعلينا خيرٌ من أن يجيءَ من يطالبُنا بالأموال. وهي عند تُجَّار الكوفة، فيتربَّصون بنا فنقتل، وتُؤكل تلك الأموال. فأبى خالد، فودَّعه طارق وبكى وقال: هذا آخِرُ ما نلتقي في الدنيا. ومضى (¬4).
وبعث يوسف بنُ عمر، فأخذ طارقَ بنَ أبي زياد، فضربَه خمس مئة سوط، وكبَّله بالحديد، ثم صادرَ عمال خالد على تسعة آلاف ألف درهم، فقيل له: أخطأتَ، لو لم تفعل لصالحوك على مئة ألف ألف، فقال: قد رَهَنْتُ لساني معهم، فلا أرجعُ فيما قلتُ (¬5).
وقيل: إنه أخذَ منهم مئة ألف ألف درهم، ثم أخذ خالدًا فعذَّبه.
وفيها ولَّى يوسفُ بنُ عمر خُراسان جُدَيعَ بنَ عليّ الكِرْمانيَّ، وعزل جعفرَ بنَ حنظلة، وكان أسدٌ لمَّا مات استخلفه عليها.
وكان يوسف بنُ عمر قد كتبَ إلى هشام يستأذنُه أن يولِّيَ على خُراسان سَلْمَ بنَ قُتيبة الباهليَّ، فكتب إليه هشام: إنَّ سَلْمَ بنَ قُتيبة ليس له بخُراسان عشيرة، ولو كان له بها عشيرةٌ لم يُقتل أبوه بها (¬6).
¬__________
(¬1) قوله: قال ومن أين أجد ... ألف ألف. سقط من (خ).
(¬2) في (خ): يومًا، بدل: قومًا.
(¬3) في "تاريخ" الطبري 7/ 149: إنما نقيك ونقي أنفسنا بأموالنا.
(¬4) الرواية في المصدر السابق 7/ 148 - 149 مطولة.
(¬5) تاريخ الطبري 7/ 151.
(¬6) المصدر السابق 7/ 154.

الصفحة 110