كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

قتيبة [بن مسلم]: انظروا إلى (¬1) محمد بن واسع. فنظروا؛ وإذا به في طرف الميمنة رافعًا أصبُعَهُ إلى السماء، فأخبروا قُتيبة، فقال: تلك الأصبع الفاردة (¬2) أحبُّ إليَّ من مئة ألف سيف شهير، وسِنانٍ طَرِير (¬3). ثم قال: لا يُخذل جيشٌ فيه محمد بن واسع، احملُوا على بركة الله. فحملُوا، فانهزمت التُّرك.
[قال الجوهري: شَهَرَ سيفَه يَشْهَرُه شَهْرًا، أي: سَلَّهُ. والطَّرِير: ذو الرُّواء والمنظر.
وروى ابنُ أبي الدنيا عن عِلْجَةٍ كانت في دار محمد بن واسع أنها كانت تقول كلماتٍ بالأعجمية؛ معناها: هذا رجلٌ إذا جاء الليل؛ لو كان قتل أهل الدُّنيا ما زاد (¬4).
وروى ابنُ أبي الدُّنيا] عن مطر الوَّراق قال: ما اشتهيتُ (¬5) أن أبكيَ قَطُّ إلا نظرتُ إلى وجه محمد بن واسع، فأبكي حتى أشتفيَ، كأنه ثَكِلَ عشرةً من الحُزْن.
وروى أبو نُعيم عنه أنه كان يقول: لو كان (¬6) للذنوب رائحة ما قدرتُم أن تدنُوا منّي من نَتَن ريحي.
وروى أيضًا عن عبد العزيز بن أبي روَّاد قال: رأيتُ في يد محمد (¬7) بن واسع قَرْحة، فاغتممتُ، فقال: أتدري ما للهِ عليَّ في هذه القَرْحةِ من نعمةٍ حيثُ لم يجعلها على طرف ذكري، أو لساني، أو على حدقتي.
¬__________
(¬1) لفظة "إلى" ليست في (ص).
(¬2) في (ص): الفارعة.
(¬3) كذا في النسخ الخطية وأصول "تاريخ دمشق" 65/ 175، والخبر فيه بنحوه عن الأصمعي. وفي "سير أعلام النبلاء" 6/ 121: وشاب طرير. وهو الأشبه.
(¬4) صفة الصفوة 3/ 267، والمنتظم 7/ 204.
(¬5) في (ب) و (خ) و (د): وقال مطر الورَّاق: ما اشتهيتُ ... إلخ. والمثبت من (ص)، والكلام الواقع بين حاصرتين منها. والخبر في "تاريخ دمش" 65/ 156، و"صفة الصفوة" 3/ 268، و"المنتظم" 7/ 204.
(¬6) في (ب) و (خ) و (د): وكان محمد يقول: لو كان ... والمثبت من (ص) والخبر في "حلية الأولياء" 2/ 349، و"تاريخ دمشق" 65/ 164 - 165، و"صفة الصفوة" 3/ 268.
(¬7) في النسخ المذكورة: وقال عبد العزيز بن روّاد: رأيتُ في يد محمد ... إلخ، والمثبت من (ص)، والخبر في "حلية الأولياء" 2/ 352، و"تاريخ دمشق" 65/ 171، و"صفة الصفوة" 3/ 268.

الصفحة 124