كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

وقال ابنُ شَوْذَب: فرَّق أميرٌ بالبصرة (¬1) مالًا، فبعث إلى مالك بنِ دينار منه فقبلَ، فأتى محمد بنُ واسع، فقال له: يا مالك، قبلتَ جوائزَ السلطان؟ ! [فقال: يا أبا بكر (¬2)، سَلْ جلسائي، فقالوا: يا أبا بكر] اشتَرَى بها رقابًا فأعتقَهم. فقال له محمد: أنشدك الله، أقَلْبُكَ الساعةَ له على ما كان قبل أَن يُجيزك؟ قال: اللهمَّ لا. قال: ترى أيُّ شيء دخلَ عليك؟ فقال مالك لجلسائه: إنما يعبد اللهَ مثلُ محمد بنِ واسع، أمَّا مالك فإنَّه حمار.
ومرض محمد، فجاء يحيى البكَّاء يستأذنُ عليه، فقالوا: يحيى البكَّاء، فقال محمد: إن شرَّ أيامكم يومَ نُسبتُم فيه إلى البكاء (¬3).
[وفي رواية أبي نُعيم عن محمد أنه قال: ] إن كان الرجلُ ليبكي عشرين سنةً وامرأتُه معه لا تعلم به (¬4).
وكان يقول: ما آسى من الدُّنيا على شيء إلَّا على صاحب (¬5) إذا اعْوَجَجْتُ قوَّمَني، أو قوتٍ من الدنيا ليس لأحد فيه منَّة، ولا للهِ على فيه تبعة (¬6).
[وروى ابن أبي الدنيا عنه لما احتُضر بكى وقال لأصحابه: إخوتي، أتدرون إلى أين يُذْهب بي؟ واللهِ الذي لا إله إلَّا هو إلى النار، أو يعفو عني] (¬7).
¬__________
(¬1) في (خ): أمير المؤمنين، بدل: أمير بالبصرة، والمثبت من (ب) و (د)، ولم يرد هذا الخبر في (ص). وهو في "حلية الأولياء" 2/ 354، و"تاريخ دمشق" 65/ 162، و"صفة الصفوة" 3/ 269، وما سيرد فيه بين حاصرتين منها.
(¬2) يُكنى محمد بن واسع بأبي عبد الله وأبي بكر. تاريخ دمشق 65/ 143 (طبعة مجمع دمشق).
(¬3) حلية الأولياء 2/ 347، وصفة الصفوة 3/ 269. ولم يرد هذا الخبر في (ص).
(¬4) المصدران السابقان. والكلام الواقع بين حاصرتين من (ص). وجاء فيها بعد هذا الخبر قولُه: "قال: وكان محمد يصوم الدهر ويخفيه"، وسلف هذا القول من النسخ الأخرى أول الترجمة.
(¬5) في "تاريخ دمشق" 65/ 168، و"صفة الصفوة" 3/ 270: إلا على ثلاث: صاحب ... إلخ. وينظر التعليق التالي.
(¬6) بعدها في "تاريخ دمشق": وصلاةٍ في جميع يُرفع عني سهوها ويكتبُ لي فضلها. وكذا في "صفة الصفوة" لكن بتقديم وتأخير.
(¬7) هذا الخبر من (ص). وسلف نحوه من النسخ الأخرى أوائل الترجمة، وهو بهذا اللفظ في "حلية الأولياء" 2/ 348، و"تاريخ دمشق" 65/ 178، و"صفة الصفوة" 3/ 271.

الصفحة 125