كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

أصحابه فتوقَّفوا، فقال يحيى بن حُضَيْن -وهو الذي خالف عاصمًا في نوبة (¬1) الحارث بن سُريج وقال: هذا عزلُ الخليفة (¬2) -: يا نصر، سِرْ بنا إلى الحارث. فقال له نصر: إنك تكلَّمتَ في أيام عاصم بكلمة ارتفعتَ بها عند الخليفة، وزِيدَ في عطائك، وبلَغْتَ الدرجة الرفيعة، فقلتَ: أقولُ مثلَها لَعَلِّي أحظى، سِرْ في المقدِّمة فقد ولَّيتُك قتال الحارث. فسار إلى الحارث، فلم يظفر منه بشيء، ومضى الحارثُ في أهل الشاش والتُّرك (¬3).
وأقبل نصر فنزل سَمَرْقَند، ثم عاد فقصد الشَّاش، وكان ملكها يقال له: بدر (¬4)، فصالح نصرًا على الجزية، وشرط عليه إخراجَ الحارث من بلده، فأخرجَه إلى فارياب (¬5) ثم سار (¬6) نصر إلى فَرْغَانة.
ذكر صلحه مع ملكها:
قال سليمان بن صُول: لما نزل نصر أرض فَرْغانة دعاني، فقال: اذهب إلى صاحب فَرْغَانة، وانظر ما يرى (¬7) في حديث الصُّلح. قال سليمان: فلما قدمتُ على الملك قال: اذهبوا به إلى الخزائن والسلاح والعساكر (¬8) ليرى ما أعددتُ لهم. قال سليمان: فرأيتُ سلاحًا كثيرًا وأموالًا ورجالًا، فلما رجعت إليه قال: كيف رأيت؟ قلت: رأيتُ عُدَّةً حسنة، ولكنَّ المحصورَ لا يَسْلَمُ من خصال، قال: وما هنَّ؟ قلت: لا يأمنُ أقربَ الناس إليه وأوثقَهم في نفسه أن يثبَ عليه، فيتقرَّبَ به، أو يفنى ما قد جمع فيسلِّم إلى
¬__________
(¬1) كذا في (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها).
(¬2) ينظر خبر مخالفة يحيى بن حُضين لعاصم -وهو ابن عبد الله الهلالي- في صلح الحارث بن سُريج أوائل أحداث سنة (117).
(¬3) من قوله: وجاءه كتاب يوسف بن عمر (قبل عدة أسطر) ... إلى هذا الموضع، ليس في (ص).
(¬4) في "تاريخ" الطبري 7/ 177: قدر.
(¬5) كذا في (د). وفي (ب) و (خ): قاريان. وفي (ص): فأخرجه من بارباب. وفي "تاريخ" الطبري 7/ 177: فاراب.
(¬6) في (ب): صار.
(¬7) في (ص): ترى.
(¬8) قوله: والعساكر، ليس في (ص).

الصفحة 130