كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

خصمه، أو يصيبه (¬1) داء فيهلك. فقال: قم حتى ننظر. فقمتُ، وفكَّر، فرأى الصُّلْحَ خيرًا.
فدعاني وأجابَ إلى الصُّلح، وأحسنَ جائزتي، وبعث معي أمَّه، وكانت صاحبةَ أمرِه.
[قال: ] وقدمتُ على نصر، فلما رآني؛ سُرَّ بالصُّلح وقال: أنت كما قال [الأول]: فأرسِلْ (¬2) حكيمًا ولا تُوصِهِ.
وأخبرتُه، فدعا لي (¬3)، وأذنَ لأمِّه، فدخَلَتْ عليه، فأكرمَها، وبين يديها ترجمان يعبِّر عنها، فكان في (¬4) جملة ما قالت: كلُّ مَلِكَ لا يكون عنده ستةُ أشياء فليس بمَلِك: وزيرٌ عاقلٌ يُشاورُه في أمره ويثقُ به، وطبَّاخٌ إذا لم يشتهِ الطعام (¬5) اتَّخَذَ له ما يشتهي، وزوجةٌ إذا دخلَ عليها مغتمًّا، فنظر إلى وجهها ذهبَ غمُّه، وحصنٌ إذا فزع إليه نجَّاه -وقيل: إنها أرادت بالحصن الفرس السابق (¬6) - وسيفٌ إذا قارعَ الأقران لم يخشَ خيانتَه، وذخيرةٌ إذا حملَها فأينما كان (¬7) من الأرض عاش بها.
ودخل تميم بن نصر بن سيار فقالت: مَنْ هذا؟ قال: تميم بن نصر. فقالت: ما له نُبلُ الكبار، ولا حلاوة الصِّغار.
ثم دخل الحجَّاج بن قتيبة بن مسلم، فقالت: مَنْ هذا؟ قال: الحجَّاج بن قتيبة. [قال: ] فحيَّتْه وسألت عنه وقالت: يا معشر (¬8) العرب، ما لكم وفاء، ولا يصلح بعضُكم لبعض، قُتيبةُ هو الذي وطَّأَ لكم البلاد، وذلَّل ما أرى، وهذا ولدُه تُقعده دون مجلسك، فحقُّك يا نصر أنْ تُقعده مكانَك، وتجلسَ دونه.
¬__________
(¬1) في (ب) و (خ) و (د): يصفه، والمثبت من (ص)، وهو موافق لما في "تاريخ" الطبري 7/ 177.
(¬2) في (ب) و (خ) و (د): أوسل. والمثبت من (ص). وهذا عجز بيت صدرُه: إذا كنتَ في حاجةٍ مُرسِلًا، وجاء في شعر طَرَفَة بن العبد وغيره. ينظر "ديوانه" ص 64.
(¬3) في (ص): فدعاني. وهو تحريف.
(¬4) في (ص): من.
(¬5) في (ص): إذا اتشته نفسُه الطعام.
(¬6) في "تاريخ" الطبري 7/ 178: تعني البرذون، بدل قوله: وقيل إنها أرادت ... وجاء هذا القول في (ص) آخر الخبر.
(¬7) في (ص): فأين كان.
(¬8) في (ص): معاشر.

الصفحة 131