كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)
ثم ندم زيد، واستحيا من عمَّته، فلم يدخل عليها زمانًا، فأرسلَتْ إليه: يا ابنَ أخي، إني لأعلم أنَّ أمَّك عندك كأمِّ عبد الله عنده. وقالت لابنها عبد الله: بئس ما قلتَ لأمِّ زيد، واللهِ لنِعْمَ دخيلةُ القوم كانت (¬1).
وقال لهما خالد بن عبد الملك: اغْدُوا عليَّ لأفصلَ (¬2) بينكما. واجتمع (¬3) الناس، وجرت منازعات أفضَتْ إلى ما لا يليق.
فخرج زيد إلى هشام بن عبد الملك (¬4).
وقيل: إن الذي ادَّعى بالمال خالدُ بنُ عبد الله؛ قال عطاء بن مسلم: لمَّا قدم زيد على يوسف قال له: إن خالدًا زعم أنه أودعك مالًا، فقال: أَنَّى يُودِعُني مالًا وهو يشتم آبائي على منبره! فأحضر خالدًا في عباءة وقال: زعمتَ أنك أودعتَ زيدًا مالًا وهذا زيدٌ يُنكر. فقال له خالد: أتريد أن تجمع مع إثمك فيَّ إثمًا في هذا؟ ! كيف أُودِعُه مالًا، وأنا أشتُمُهُ وأباه على المنبر؟ ! فشتمَه يوسف وردَّه إلى حبسه (¬5).
وقال أبو عُبيدة (¬6): لمَّا جمع يوسفُ بينهم وبين خالد؛ قالوا له: يا خالد، ما دعاك إلى ما صنعتَ؟ فقال: غلَّظ عليَّ يوسفُ العذاب، فادَّعيتُ ما ادَّعيتُ، وأمَّلْتُ أن يأتيَ اللهُ بالفرج قبل قدومكم. فأَطلقَهم [يوسف]، فمضَوا إلى المدينة، وتخلَّفَ زيد وداود بالكوفة (¬7).
وقال ابن سعد: دخل زيد بنُ عليّ على هشام بن عبد الملك، فرفعَ إليه دَينًا كثيرًا وحوائج، فلم يقض له حاجة، وتهجَّمه (¬8)، وأسمعَه كلامًا شديدًا.
¬__________
(¬1) تاريخ الطبري 7/ 164، وينظر "أنساب الأشراف" 2/ 520.
(¬2) تحرف في (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها) إلى: الأفضل. وينظر "تاريخ" الطبري 7/ 164.
(¬3) في النسخ المذكورة: وأجمعَ.
(¬4) لم يرد تتمة الخبر في (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها)، وفيه أن زيدًا خرج إلى هشام، فجعل هشام لا يأذن له، فيرفع إليه القصص، فكلما رفع إليه قصة كتب هشام في أسفلها: ارجع إلى أميرك ... وينظر بتمامه في "تاريخ" الطبري 7/ 164 - 165.
(¬5) تاريخ الطبري 7/ 166 - 167.
(¬6) في (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها): أبو عبيد. والمثبت من "تاريخ" الطبري 7/ 167.
(¬7) الخبر في "تاريخ" الطبري 7/ 167 بأطول منه.
(¬8) في "طبقات" ابن سعد 7/ 320: وتجهَّمه.