كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)
قال سالم مولى هشام وحاجبُه: فخرج زيد وهو يَفْتِلُ شارَبه [ويقول: ] ما أَحَبَّ أحدٌ الحياة قطّ إلَّا ذَلَّ. ثم مضى، فكان وجهُه إلى الكوفة، فخرج بها. فأخبرتُ هشامًا بعد ذلك بما قال زيد يومَ خرجَ من عنده، فقال: ثكلَتْك أمُّك! ألا أخبرتَني بذلك قبل اليوم؟ ! وما كان دَينُه؟ قلت: خمس مئة ألف درهم. فقال هشام: إنَّ عطاءنا له ذلك أهونُ علينا ممَّا صارَ إليه (¬1).
وقال عُمر بن شبَّة: لما دخلَ زيدٌ على هشام وكان يكرهُه، فقال له: بلغني أنك تذكرُ الخلافة وتتمنَّاها، ولستَ هناك. قال: ولمَ؟ قال: لأنك ابنُ أَمَة. فقال له زيد: ليس عند الله أعلى منزلةً من نبيّ ابتعثَه، وقد كان إسماعيلُ - عليه السلام - ابنَ أَمَة، وخرجَ من ظهره سيِّدُ الأنبياء، وكان أخوه إسحاق ابنَ حُرَّة، فأخرجَ الله مِنْ ظهره من مَسَخَهُ خنازير وقردة. فقال هشام: اخرجْ. فخرج وهو يقول: واللهِ لا رأيتَني بعد اليوم إلَّا حيثُ تكره. فقال له سالم مولى هشام: يا أبا الحُسين (¬2)، لا يظهرنَّ هذا منك. وقال هشام: واللهِ لانبئنا خبر (¬3) قبل خلعه إيَّانا (¬4). فخرج إلى الكوفة فكان كما قال.
وقال هشام بن محمد: لمَّا أقام زيد بالكوفة جعلت الشيعة تختلف إليه ويقولون: إنَّا لنرجو أن تكون المهديّ (¬5)، وأنَّ اللهَ يُهلك بني أمية على يدك (¬6).
[وجعل] يوسف بن عمر يسألُ عنه، فيقال (¬7): هو ها هنا، فيرسل إليه [أن] (¬8) اخْرُجْ إلى المدينة. وهو يعتلُّ عليه.
¬__________
(¬1) طبقات ابن سعد 7/ 320. وما سلف بين حاصرتين منه.
(¬2) في (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها): أبا الحسن. وهو خطأ. وينظر الخبر في "تاريخ" الطبري 7/ 165 - 166، وبنحوه في "العقد الفريد" 4/ 482 - 483 و 5/ 89.
(¬3) كذا في (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها). وينظر التعليق التالي.
(¬4) في "تاريخ" الطبري 7/ 165: والله ليأتينَّك خلعُه أول شيء.
(¬5) في "تاريخ" الطبري: المنصور، بدل: المهدي. وكذا في "أنساب الأشراف" 2/ 526. والخبر فيه بنحوه.
(¬6) في (خ): يديك، والمثبت من (ب) و (د)، والكلام ليس في (ص).
(¬7) في (ب) و (خ) و (د): فقال. وهو تحريف.
(¬8) الكلمتان بين حاصرتين زدتُهما لتمام السياق، ينظر "تاريخ" الطبري 7/ 166، والكلام فيه بنحوه.