كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

وقال خالد: أحسنُ الكلام ما لم يكن بالبدويِّ المُغْرب، ولا بالقرويِّ المُخْدَج، ولكن ما شَرُفَتْ مبانيه، وظَرُفَتْ معانيه، ولذَّ على أفواه القائلين، وحَسُنَ في آذان المستمعين، وازداد حُسنًا على ممرِّ السنين (¬1).
وقيل لخالد: أيُّ الإخوان أحبُّ إليك؟ فقال: مَنْ سدَّ خَلَلي، وغَفَرَ زَلَلي، وقَبِلَ عِللي، وحقَّق أملي (¬2).
وقال: من تزوَّج امرأة فليتزوَّجْ عزيزةً في قومها، ذليلةً في نفسها، أدَّبَها الغنى، وأذلَّها الفقر (¬3).
ودخل خالد الحمَّام، وفيه رجل معه ابنُه، فأراد أن يُعرِّف خالدًا ما عنده من البيان والفصاحة، فقال: يابنيّ، ابدأ بيداك ورجلاك. ثم التفتَ إلى خالد وقال: يا خالد، هذا كلامٌ قد ذهبَ أهلُه. فقال خالد: هذا كلامٌ ما خلق اللهُ له أهلًا قطُّ (¬4).
وقال: لا تطلبوا الحوائج في غير حينها، ولا تطلبوها من غير أهلِها، ولا تطلبوا ما لستُم له بأهل، فتكونوا للمَنْع أهلًا (¬5).
وقال: لا تطلبُوا ما لا تستحقُّون، فإنَّ مَنْ طلبَ ما لا يستحقُّ؛ استوجبَ الحرمان (¬6).
وقال: فَوْتُ الحاجة خيرٌ من طلبها من غير أهلها، وأشدُّ من المصيبة سوءُ الخَلَف منها (¬7).
وقيل له: إن أقوامًا قد أصابوا أموالًا، فتكلَّموا وعَلَوْا، فقال:
قَدَ انْطَقَتِ الدراهمُ بعد عِيٍّ ... أُناسًا طالما كانوا سُكوتا
¬__________
(¬1) أنساب الأشراف 11/ 371، وتاريخ دمشق 5/ 469.
(¬2) بنحوه في "تاريخ دمشق" 5/ 470 و 471. وقوله: وحقَّق أملي، من (د).
(¬3) تاريخ دمشق 5/ 471، وبنحوه في "أنساب الأشراف" 11/ 349.
(¬4) تاريخ دمشق 5/ 471.
(¬5) تاريخ دمشق 5/ 475، وبنحوه في "أنساب الأشراف" 11/ 360.
(¬6) المصدران السابقان.
(¬7) أنساب الأشراف 11/ 363، وبنحوه في "تاريخ دمشق" 5/ 476.

الصفحة 142