كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)
قال هشام: ] ولما عزم [زيد] على الخروج وشاع ذلك؛ خرج سليمان بن سراقة البارقي (¬1) إلى يوسف بن عمر وهو بالحِيرة، فأخبره الخبر وقال: إنه يختلف إلى منزل رجل يقال له: طُعمة، من بني تميم، ورجل آخر يقال له: عامر، وكلاهما من بارق، فأرسلَ إليهما، فأحضرَهما عنده وسألهما عن زيد، فاتَّضَحَ له أمرُه لما كلَّماه. وخاف زيد أن يُؤخذ، فتَعجَّل الأجل (¬2) الذي بينه وبين الذين (¬3) بايعوه.
ولما علم جماعةٌ من الشيعة ذلك اجتمعوا إلى زيد وقالوا: ما تقولُ في أبي بكر وعمر؟ فقال زيد: رحمهما الله وغفرَ لهما، ما سمعتُ أحدًا من أهل بيتي تبرَّأَ (¬4) منهما ولا يقول فيهما إلَّا خيرًا.
[ذكر مناظرته للشيعة:
قال هشام: ] فلما قال لهم ذلك، قالوا: هما وَثَبا على سلطانكم فنزعاه من أيديكم. فقال لهم زيد: إنهما وإن كانا قد دفعانا عن حقِّنا واستأثرا به دونَنا غير أنهما قد وَلِيَا فَعَدَلَا، وعملا بالكتاب والسُّنَّة. قالوا: فلمن تُقاتل إذا كانوا أولئك ما ظلموك، فهؤلاء الذين تريد قتالهم ما ظلموك أَيضًا؟ ! فقال لهم: إن هؤلاء ليسوا كأولئك، إنهم ظالمون لي ولنفوسهم وللأمة، وإنما أدعوكم إلى كتاب الله وسُنَّة رسولِه، وإحياء السُّنن وإماتة البدع، فإنْ وافقتموني سعدتُم، وإنْ أبيتُم فلست عليكم بوكيل (¬5).
[وقال الهيثم: ] قالوا له: ما نقاتل معك حتَّى تتبرَّأَ منهما، فقال: معاذَ الله، واللهِ لا فعلتُه أبدًا. ففارقوه ورفضوا الحقَّ، فسمَّاهم (¬6) الرافضة (¬7).
¬__________
(¬1) في (ص): والبارقي. وفي النسخ الأخرى: المارقي، والصواب ما أثبتُّه. وينظر "تاريخ" الطبري 7/ 180.
(¬2) في (ب) و (خ): الأمر، بدل: الأجل. والمثبت من (ص) و (د)، وهو موافق لما في "تاريخ" الطبري 7/ 180.
(¬3) في (ب) و (خ) و (د): الذي. والمثبت من (ص)، وهو موافق لما في المصدر السابق.
(¬4) في (ص): يتبرَّأ.
(¬5) تاريخ الطبري 7/ 180 - 181، وينظر "أنساب الأشراف" 2/ 528 - 529. والكلام السالف بين حاصرتين من (ص).
(¬6) في (ص): فسُمُّوا.
(¬7) بنحوه في المصدر السابق، و"أنساب الأشراف" 2/ 528 - 529.