كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

ودعا ليبون بالأطباء، فنظروا إلى جراحاته، فقالوا: قد أَنْفَذَت مقاتلَه. فقال: هل من حاجة؟ قال: نعم، تأمرُ من ثبت معي من المسلمين يَتَولَّوْا أمري ودفني، وتُخْلِيَ سبيلَ مَنْ ثبتَ معي. فقال: نعم. ووفَىَ له (¬1).

أبو عمران عبد الملك بن حبيب
الجَوْنيّ، من الطَّبقة الثالثة من التابعين من أهل الكوفة (¬2)، وكان من الخائفين المتعبِّدين.
[قال ابن سعد (¬3): كان] ثِقَة كثير الحديث.
وكان إذا سمعَ (¬4) صوتَ المؤذِّن؛ تغيَّر لونُه، وفاضَتْ عيناه. [وكان يقصُّ على النَّاس ويبكي.
قال: وكان يقول في قَصصه: لا يغرنَّكم مِن ربِّكم طولُ الأمل، فإنَّ أخذه أليم شديد (¬5)، وحتى متى تبقى وجوه أوليائه تحت أطباق الثرى، وإنما هم يحبسون ببقية آجالكم حتَّى تُبعثون جميعًا.
وقال: وعظ موسى يومًا، فشقَّ رجلٌ ثيابَهُ، فأوحى الله تعالى إلى موسى: قُلْ للرجل صاحب القميص: لا يشقُّ قميصه، ولكن ليشقَّ لي عن قلبه.
وقال: تصعدُ الملائكةُ إلى الله بالأعمال، فينادي المَلَكَ: ألقِ تلك الصحيفةَ -أو الصحائف- فيقول: يَا ربّ، قالوا خيرًا -أو عملوا- وحفظناه عليهم، فيقول الله: لم
¬__________
(¬1) الخبر في المصدر السابق من أكثر من رواية.
(¬2) كذا في النسخ الأربعة، وهو خطأ، والصواب: البصرة، كما في "طبقات" ابن سعد 9/ 237، و"صفة الصفوة" 3/ 264 وذكره خليفة في "طبقاته" ص 215 في الطَّبقة الرابعة من أهل اليمن.
(¬3) في "الطبقات الكبرى" 9/ 237. وهذا الكلام بين حاصرتين من (ص).
(¬4) في (ص): وقال النوري (كذا): كان إذا سمع ... إلخ. ولم أعرفه. ولعله محرَّف. والخبر في "المنتظم" 7/ 223، و"صفة الصفوة" 3/ 264 عن الحارث بن سعيد.
(¬5) قوله: فإن أخذه أليم شديد، اقتباس من الآية (102) من سورة هود.

الصفحة 171