كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

رأت امرأة من جيرانه كأنَّ حُلَلًا فُرِّقَتْ على أهل مسجدهم (¬1)، فلما انتهى الذي يُفرِّقها إلى محمَّد بن جُحادة؛ دعا بسَفَطٍ، فأخرجَ منه حُلَّةً صفراء. قالت: فلم يقم لها بصري، فكساه إياها وقال له: هذه لك بطول السَّهَر. قالت المرأة: فواللهِ لقد كنتُ أراه بعد ذلك، فأتخايلُها عليه (¬2).

مَسْلَمَةُ بنُ عبد الملك
ابن مروان، وكنيتُه أبو سعيد (¬3)، وقيل: أبو الأصبغ.
وكان شجاعًا جوادًا صاحب همَّة وعزيمة، وله غَزَوات كثيرة من أول ولاية أَبيه عبد الملك إلى هذه السنة. وقد ذكرنا منازلتَه القسطنطينية، وبلادَ الخُوارزم، واللَّان، والعراق، وغيرَها، و [قد] كان جديرًا بالخلافة، وإنَّما زَوَى بنو أمية عنه الأمر؛ لأنَّ أمَّه أمَةٌ، وما كانوا يرون إلَّا ولايةَ أولاد الحرائر، ويُسمُّون بني الإماء الهُجَناء.
وقال الأصمعيّ: سابقَ عبدُ الملك يومًا بين مَسْلَمة وسليمانَ ابنَيه، فسبق سليمانُ، فقال عبد الملك:
ألم أنهكُمْ أنْ تحملُوا هُجَناءكم ... على خيلكم يومَ الرِّهان فتُدركوا
وما يستوي المرءانِ هذا ابنُ حُرَّةٍ ... وهذا ابنُ أُخرى ظهرُها متشرِّكُ
وتَرْعَشُ عَضْدَاهُ ويضعفُ صوتُهُ (¬4) ... وتَقْصُرُ رجلاه فلا يتحرَّكُ
وأدرَكْتَهُ خالاتُه فَنَزعْنَهُ ... ألا إنَّ عِرْق السَّوْءِ لا بدَّ يُدْرِكُ (¬5)
فقال مسلمة: يَا أمير المُؤْمنين، ما هذا قال حاتم الطَّائيّ. قال: فما الذي قال: فأنشد مسلمة:
¬__________
(¬1) في (ب) و (خ): المسجد. والمثبت من (د) وهو موافق لما في "صفة الصفوة" 3/ 111.
(¬2) المصدر السابق. ولم ترد هذه الترجمة في (ص).
(¬3) في (ب) و (خ) و (د): بن مروان أبو شاكر وقيل: أبو سعيد ... وهو خطأ، فأبو شاكر هو مسلمة بن هشام بن عبد الملك، والمثبت من (ص) وهو الصواب. وينظر "تاريخ دمشق" 67/ 151 و 190 (طبعة مجمع دمشق).
(¬4) في "العقد الفريد" 6/ 130: وتضعف عضداه ويقصُرُ سَوْطُهُ، وفي "التذكرة الحمدونية" 7/ 183: فتضعف ساقاه وتفترُ كفُّه، وفي "معجم الشعراء" للمرزباني ص 66: فيفتُر كفَّاه ويسقط سَوْطُهُ.
(¬5) نُسبت الأبيات في "العقد" للأعور الشّنّي، وفي "التذكرة" لبعض بني عبس، ونسبه المرزباني لعمرو بن مُبْرد العبدي.

الصفحة 173