كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

طلحة بن مُصَرِّف
ابن عَمْرو، أبو عبد الله (¬1)، وقيل: أبو محمد، الكوفيّ الهَمْدانيّ، من الطبقة الثالثة.
و[قال ابن سعد: ] كان قارئ أهل الكوفة يقرؤون عليه، فلما كثُروا عليه كأنَّه كره ذلك، فمشى إلى الأعمش فقرأ عليه، فمال الناس إلى الأعمش وتركوه (¬2).
وكان طلحةُ عالمًا زاهدًا ورعًا.
[وروى ابن سعد عن] مالك (¬3) بن مغول [قال: ] انتهيتُ أنا وطلحة إلى زقاق، فتقدَّمني فيه، ثم التفتَ إليَّ وقال: لو علمتُ أنك أكبرُ منّي بساعة ما تقدَّمتُك.
[وقال أبو نعيم الأصبهاني: ] أرسل طلحة إلى جارةٍ له فقال: إني أريد أن أُوتِدَ في حائطك وتدًا، فقالت: نعم (¬4).
ودخلت امرأة وبيدها قصبة تأخذ من بيته نارًا، فقالت لها زوجتُه: قفي حتَّى أشويَ عليها هذا القَدِيد؛ لأبي محمد يُفطر عليه، وكان في الصلاة، فسلَّم وقال: حبستِ الجاريةَ على أهلها وشويتِ القَدِيدَ على قصبتها بغير إذن سيدتها، لا أذوقه أبدًا (¬5).
و[روى أبو نعيم أيضًا عن الفضيل بن عياض قال: بلغني أن طلحة بن مصرِّف] ضحكَ يومًا، فوثب على نفسه، فقال: فيم الضحك؟ إنَّما يضحك من قطعَ الأهوال وجازَ السِّراط (¬6). ثم آلى على نفسه أن لا يضحك حتَّى يعلم بماذا تقع الواقعة. فما افترَّ ضاحكًا (¬7) حتَّى لَقِيَ الله تعالى.
¬__________
(¬1) في (خ): أبو عُمر وأبو عبد الله ... وهو خطأ.
(¬2) طبقات ابن سعد 8/ 425.
(¬3) في (ب) و (خ): قال مالك ... والمثبت عبارة (ص) وما بين حاصرتين منها. والخبر في "طبقات" ابن سعد 8/ 425.
(¬4) حلية الأولياء 5/ 14. وفيه قولها: نعم، وافتح فيه كوَّةً. والكلام السالف بين حاصرتين من (ص).
(¬5) بنحوه في المصدر السابق 5/ 14 - 15.
(¬6) هو الصِّراط؛ يقال بالسين والصاد.
(¬7) في (ص): فما رُئيَ ضاحكًا. والمعنى واحد. والخبر في "حلية الأولياء" 5/ 15.

الصفحة 18