كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

وقال الباقر: قبيح الكلام سلاح (¬1) اللئام، ولَمَوتُ عالمٍ واحد أحبُّ إلى إبليس من موت سبعين عابدًا (¬2).
وقال: ما اغرورقت عين بمائها إلا حرَّم اللهُ وَجْهَ صاحِبِها على النار، فإنْ سالتْ على الخدَّين؛ لم يُرْهَقْ قَتَرٌ ولا ذِلَّةٌ يومَ القيامة، وما من شيءٍ إلا وله جزاء إلا الدَّمْعة، فإن الله يُكفِّرُ بها بُحور الخطايا، ولو أنَّ باكيًا بكى في أمَّةٍ لحرم الله تلك الأمَّةَ على النار (¬3).
وقال عروة بن عبد الله: سألتُ محمد بنَ عليّ عن حِلْيةِ السيوف، فقال: لا بأس بها، قد حلَّى أبو بكر الصِّدِّيق - رضي الله عنه - سيفَه. فقلت: وتقول: الصِّدِّيق؟ ! . [قال: ] فوثبَ وَثْبَةً، واستقبَل القبلةَ وقال: نَعَمْ الصِّدِّيق، نَعَمْ الصِّدِّيق، نَعَمْ الصِّدِّيق. -قالها ثلاثًا- ومن لم يقل: الصِّدِّيق، فلا صَدَّقَ اللهُ قولَه لا في الدنيا ولا في الآخرة (¬4).
وقال جابر: قال لي محمد بن علي: يا جابر، بلغني أن قومًا بالعراق يزعمون أنهم يُحبُّوننا ويتناولون أبا بكر وعمر، ويزعمون أني أمرتُهم بذلك، ألا فأَبْلِغْهم أنَّني أبرأُ إلى الله منهم، أَمَا والذي نفسي بيده، لو وَلِيتُ لتقرَّبْتُ إلى الله بدمائهم، ولا نالتْني شفاعةُ محمد - صلى الله عليه وسلم - إن لم أكنْ أستغفرُ لهما وأَترحَّمُ عليهما (¬5).
وقال أفلح مولى محمد بنِ عليّ: خرجتُ معه حاجًّا، فلما دخل المسجدَ نظرَ إلى البيت، وبكى حتَّى علا صوتُه، فقلت له: بأبي أنتَ وأمِّي، إنَّ الناس ينظرون إليك، فلو رفقتَ بصوتك (¬6) قليلًا: فقال: ويحك يا أفلح! ولم لا أبكي؟ ! لعلَّ الله أن ينظر
¬__________
(¬1) في "حلية الأولياء" 3/ 183: سلام.
(¬2) المصدر السابق، وصفة الصفوة 2/ 109.
(¬3) صفة الصفوة 2/ 109. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (812) من قول الحسن، و (811) عن مسلم بن يسار مرسلًا. وجابر الذكور: هو ابنُ يزيد الجُعفي.
(¬4) حلية الأولياء 3/ 185، وتاريخ دمشق 63/ 310 - 311، وصفة الصفوة 2/ 109 - 118، والمنتظم 7/ 161.
(¬5) حلية الأولياء 3/ 185، وتاريخ دمشق 63/ 313 - 314، وصفة الصفوة 2/ 110، والمنتظم 7/ 162.
(¬6) في "تاريخ دمشق" 63/ 307: بنفسك.

الصفحة 32