كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

وقال سفيان بن عُيينة. وُلد عطاء لسنتين مضتا من خلافة عثمان، وشهد مقتل عثمان، ويقال: إنه وُلد سنة سبع وعشرين.
وحكى الفُضيل بن زياد قال (¬1): ] قال الإمام أحمد بن حنبل: العلم خزائنُ، يقسم الله تعالى منه لمن أحبَّ، لو كان يخصُّ بالعلم أحدًا لكان بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم أولى، كان عطاء بنُ أبي رباح حبشيًّا، وكان يزيد بنُ أبي حبيب نُوبيًّا أسود، وكان الحسن وابن سيرين [من] موالي الأنصار.
[وروى أبو بكر الخطيب بإسناده إلى إبراهيم الحربي قال: ] (¬2) كان عطاء [بن أبي رباح] عبدًا أسود لامرأة من أهل مكة، وكان أنفه كأنه باقلاء؛ جاء سليمانُ بنُ عبد الملك بن مروان، إليه ومعه ابناه وهو يصلِّي، فلما فرغَ من صلاته سألوه عن مناسك الحجِّ وقد حوَّل قفاه إليهم، فقال سليمان لابنيه: قُوما ولا تَنِيا في طلب العلم، فوالله ما أنسى ذُلَّنا بين يدي هذا العبد الأسود.
[وقال أبو نُعيم: كانت حلقة الفُتيا بمكّة في المسجد الحرام لابن عباس، وبعده لعطاء بن أبي رباح (¬3).
وروى أبو نُعيم عن ابن جُريج قال: ] كان المسجد (¬4) فراشَ عطاء عشرين سنةً، وكان ثوبُه يساوي خمسة دراهم.
وقال معاذ بن سعيد: كنا في مجلس عطاء، فتحدَّثَ رجل، فاعترضَ له آخر، فقطعَ حديثَه، فغضبَ عطاء وقال: سبحان الله! ما هذه الأخلاق (¬5)، إني لأسمع الحديثَ من الرجل وأنا أعلمُ به منه فأُرِيه أنِّي لا أُحسنُ منه شيئًا.
¬__________
(¬1) المعرفة والتاريخ 1/ 701، وتاريخ دمشق 47/ 411 - 412، وفيهما: الفضل بن زياد. والكلام الواقع بين حاصرتين من (ص).
(¬2) في (ب) و (د) و (خ): وقال إبراهيم الحربي. والمثبت عبارة (ص)، والكلام الواقع بين حاصرتين منها. والخبر في "الفقيه والمتفقه" 1/ 31، و"تاريخ دمشق" 47/ 394، و"صفة الصفوة" 2/ 212، و"المنتظم" 7/ 166 - 167.
(¬3) حلية الأولياء 3/ 311.
(¬4) في (ب) و (خ) و (د): وقال ابن جُريج. والمثبت عبارة (ص). والكلام الواقع بين حاصرتين منها. والخبر في "حلية الأولياء" 3/ 310؛ و"تاريخ دمشق" 47/ 411 و 413.
(¬5) في (ب) و (خ) و (د): ما هذا إلا خلاف ... والمثبت من (ص) وهو موافق لما في "تاريخ دمشق" 47/ 419 و 420. وجاء بعدها أيضًا: وما هذه الطباع.

الصفحة 39