كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

يقلِّبُ الرغيف وينظر إليه ويقول: اشتهيتُك منذ أربعين سنة، وغلبتُك حتَّى اليوم؛ تريدُ أن تغلبَني؟ ! وأَبَى أن يأكلَه (¬1).
وروى عَوْنُ بن الحكم عن أبيه، عن مالك قال: قدمتُ من سفر، فلما صِرْتُ إلى الجسر قام العشَّار، فقال: لا يخرجنَّ أحدٌ من السفينة حتَّى نُفتِّشَه. قال: فأخذتُ ثوبي فوضعتُه على عنقي، ثم وثبتُ فصرتُ على الأرض، فقال: ما الذي أخرجك؟ قلت: ما معي شيء. قال: فاذهب. قلت في نفسي: هكذا أمر الآخرة (¬2).
وروى أبو نعيم عن مالك بن دينار أنَّه وقعَ حريق في بيته، فأخذَ المصحف وخرجَ، فقيل له: البيت! فقال: ما فيه شيءٌ إلا السِّنْدانَة، فما أُبالي أن يحترق (¬3).
وفي رواية: وقع حريق بالبصرة، فأخذ كساءَه وخرج وقال: هلكَ أصحابُ الأثقال، ونجا المُخِفُّون.
وقال ابن باكويه الشيرازي: دخل اللصوص بيت مالك بن دينار، فلم يجدوا شيئًا، فصاح بهم: ما ضرَّكُم لو صلَّيتُم ركعتين (¬4).
وكان قُوتُه كلَّ ليلة رغيفان، يأكلهما بملح جَرِيش، فكان يأكلُ في الشهر بدرهمين -أو بدرهم- ودانقين، فيقال له: ألا تأكلُهما بإدام فيقول: إدامُهما أن يكونا سخنين (¬5).
قال: وكان عنده رِكْوَةٌ يتوضَّأْ منها، فأخرجَها من بيته، فقيل له في ذلك، فقال: إذا دخلت في الصلاة جاءني الشيطان فيقول: سُرِقَت الرِّكْوَة، فيشتغلُ قلبي (¬6).
¬__________
(¬1) حلية الأولياء 2/ 366، وتاريخ دمشق 66/ 61.
(¬2) صفة الصفوة 3/ 277.
(¬3) حلية الأولياء 2/ 368، وتاريخ دمشق 66/ 66، وصفة الصفوة 3/ 280. والسِّندانة؛ كما في "تاج العروس": الأتان.
(¬4) صفة الصفوة 3/ 287.
(¬5) بنحوه في "حلية الأولياء" 2/ 368، و"تاريخ دمشق" 66/ 58 - 59، و"صفة الصفوة" 3/ 284.
(¬6) حلية الأولياء 2/ 364، وتاريخ دمشق 66/ 66 - 67، وصفة الصفوة 3/ 385.

الصفحة 428