كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

وروى أبو نُعيم عنه أنَّه قال: اتَّقُوا السَّحَّارة -يعني الدنيا- فإنها تسحرُ قلوب العلماء (¬1).
[وقال: ] وإنَّ العالم إذا لم يعمل بعمله زَلَّتْ موعظتُه عن القلوب كما يزلُّ القَطْرُ عن الصَّفَا (¬2).
وقال: ما ضُرب عبدٌ بعقوبة أعظمَ من قسوةِ القلب (¬3).
وقال جعفر بن سليمان: كان مالك يُرى يومَ التَّرويةِ بالبصرة، ويومَ عرفةَ بعرفات (¬4).
وروى ابنُ أبي الدنيا عن مالك أنَّه كان له صديق يخدم السلطانَ، فاعتقلَه وقيَّده، فدخلَ عليه مالك فرآه مقيَّدًا، فشقَّ عليه فقال: من قيَّدك؟ قال: السلطان. فرفع مالك رأسه، فإذا زِنْبيل معلَّق، فقال. ما هذا؟ فقال: فيه شيء للأكل. فحطَّه فإذا دجاجٌ وحلوى وخبزُ حُوَّارَى، فقال له مالك بن دينار: واللهِ ما قيَّدك غيرُ هذا.
وقال ابنُ أبي الدنيا فيما رواه عنه قال: مرَّ تاجرٌ بعشَّارين، فحبسوا عليه سفينته، فأرسل إلى مالك، فجاءه، فلما رآه القوم؛ قاموا إليه وعظَّموه، وأطلقوا السفينة، وقالوا: يا مالك، ادْعُ لنا. وعندهم كُوز [معلَّق] يجعلون فيه الدراهم التي يأخذونها من الناس، فقال: قولُوا للكُوز يدعو لكم! كيف أدعو لكم وألفٌ يدعون عليكم؟ ! أترى يُستجابُ لواحد ولا يُستجابُ لألف (¬5)؟ !
[قال: ] وأجدبت الأرض بالبصرة، فخرجَ الناس يستسقون، فلقيَهم مالك، فقال: إلى أين؟ قالوا: نطلب المطر. فقال: أنتم تستبطئون الغيث، وأنا أستبطئ الحجارة (¬6)!
¬__________
(¬1) ذم الدنيا (39)، وحلية الأولياء 2/ 364، وصفة الصفوة 3/ 283.
(¬2) حلية الأولياء 6/ 288، وصفة الصفوة 3/ 283.
(¬3) حلية الأولياء 6/ 287، وصفة الصفوة 3/ 287.
(¬4) صفة الصفوة 3/ 277.
(¬5) حلية الأولياء 2/ 374، وتاريخ دمشق 66/ 83، وصفة الصفوة 3/ 281.
(¬6) حلية الأولياء 2/ 374، وتاريخ دمشق 66/ 85، وصفة الصفوة 3/ 281.

الصفحة 431