كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

فما الَّذي أوصاك به قبل موته؟ قال: دفعَ إليَّ كتابًا وقال: اجْعَلْه بين يديَّ وكَفَني. فجعلتُه. فأخرجَ مالكٌ الكتاب وقال: أهذا هو؟ قال: إي والله. وصاحَ الغاسلُ وبكى، وارتفع الصياح في الدار والمحلَّة.
فقال شابٌّ من جيرانه: يا مالك، خُذْ منِّي مئتي ألف درهم، واضْمَنْ لي على الله مثلَ هذا. فقال: هيهات هيهات! كان ما كان (¬1).
ذكر وفاته:
واختلفوا فيها، فحكينا عن ابن سعد أنَّه قال: مات قبل الطاعون بيسير، وكان الطاعون في سنة إحدى وثلاثين ومئة (¬2).
وقال غير ابن سعد: مات سنة سبع وعشرين (¬3) ومئة. وقيل: سنة ثلاث وعشرين ومئة.
وقيل: تقدَّمت وفاتُه على هذا التاريخ؛ فروى ابن أبي الدنيا عن عبد الواحد بن زيد، وقيل له: ما كان سببُ وفاةِ مالك بن دينار؟ قال: رؤيا رآها، رأى مُسلمَ بنَ يسار في المنام، فقال له: ما فعل الله بك؟ قال: وما يكون من الكريم؟ قَبِلَ منَّا الحسناتِ، وتجاوزَ عن السيِّئات. قال: ثم شهق مالك، وخرَّ مغشيًّا عليه، ثم لبثَ أيَّامًا مريضًا، فيُرَوْنَ أنَّه انصدعَ قلبُه فمات (¬4).
ومسلمُ بنُ يسار مات سنة مئة، أو إحدى ومئة.
أسند مالك عن أنس، والحسن البصري، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، والقاسم بن محمد (¬5).
قال مالك بن دينار: خرج سليمان بن داود عليهما السلام يومًا في مَوْكبه، فمرَّ ببلبل على غصن يَصْفِر (¬6)، وضرب (¬7) بذنبه الأرض، فقال سليمان: أتدرون ما يقول هذا؟
¬__________
(¬1) الخبر في "التوابين" ص 251 - 253 باختلاف يسير.
(¬2) طبقات ابن سعد 9/ 242.
(¬3) في (خ) و (د) و (ص): سبع عشرة ومئة، وهو خطأ.
(¬4) تاريخ دمشق 66/ 92. والكلام السالف لفظه من (ص)، ووقع في (خ) و (د) دون نسبة الأقوال لقائليها.
(¬5) بعدها في (ص) (والكلام منها): وجعفر بن سليمان، وهو خطأ، إنما روى عنه جعفر.
(¬6) في (ص): فصفر.
(¬7) في "تاريخ دمشق" 7/ 595 (مصورة دار البشير- ترجمة سليمان - عليه السلام -): ويضرب.

الصفحة 433