كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

الكيس، وفيه خمسُ مئة دينار، ويقول: استعنْ بها على زمانك وعيالك. فقال صفوان: لستُ الذي أُرْسِلْتَ إليه. فقال: ألَسْتَ صفوانَ بنَ سُليم؟ قال: بلى، ولكن اذْهَبْ فاسْتَثْبِتْ وعُدْ. دقال: فخذ الكيس حتى أذهب وأعود. فقال له: لا، فاذْهَبْ فاسْتَثْبِتْ. فمضى الخادمُ، وقام صفوان، فأخذَ نعلَه وخرج، فلم يُرَ بالمدينة حتى خرج سليمان (¬1).
أسندَ صفوانُ عن ابن عمر، وجابر، وأنس، و [أبي أمامة بن] سهل بن حُنَيف، وعبدِ الله بن جعفر وغيرهم. وسمع كبار التابعين.
وروى عنه الأئمة: محمَّد بن المنكدر، والثوريُّ، ومالك بن أنس، في آخرين (¬2).
واتفقوا على صدقه وثقته وزَهَادته. ذُكر للإمام أحمد - رضي الله عنه - صفوان بن سليم وقلة حديثه وأشياء خُولف فيها، فقال الإِمام أحمد: إنما كان صفوان يُستسقى بحديثه، ويُستنزل القَطْر بذكره (¬3).
وقال المنكدر [بن محمَّد بن المنكدر]: خرج صفوان في جنازة وفيها أبو حازم وجماعة من العُبَّاد، فلما دُفن الميِّت؛ التفت صفوان إليهم فقال: أمَّا هذا فقد انقطعت عنه أعمالُه، واحتاج إلى دعاءِ مَنْ خَلَّفَه بعده. فأبكى واللهِ الناسَ جميعًا (¬4).
وكان يقول: اللهمَّ إني أُحبُّ لقاءك، فأَحِبَّ لقائي (¬5).
وكان سفيان الثوريُّ إذا حَدَّثَ عنه يقول: حدثني صفوان وكنتَ إذا رأيتَه علمتَ أنَّه يخشى الله (¬6).
مات صفوان سنة اثنتين وثلاثين ومئة، وقيل: سنة أربع وعشرين ومئة (¬7)، وهو وهم.
¬__________
(¬1) حلية الأولياء 3/ 160، وتاريخ دمشق 8/ 331، وصفة الصفوة 2/ 155، وما سلف بين حاصرتين منها.
(¬2) تاريخ دمشق 8/ 327 وما سلف بين حاصرتين منه، ولا بدّ منه.
(¬3) المصدر السابق 8/ 333، ولفظه لابن الجوزي في "صفة الصفوة" 2/ 156، ولم أقف على من ذكره بقلّة الحديث، وقد قال فيه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 7/ 511: كان ثقة كثير الحديث.
(¬4) تاريخ دمشق 8/ 333، وما سلف بين حاصرتين منه للإيضاح.
(¬5) المصدر السابق 8/ 334.
(¬6) تاريخ دمشق 8/ 329، وفيه: سفيان بن عيينة، وكذا في "تهذيب الكمال" 13/ 188.
(¬7) نقله ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 8/ 329 عن الترمذيّ.

الصفحة 467