كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

[وروى ابن عساكر أيضًا أنه مات بمَرْو في خُراسان]. ورثاه جماعة من الشعراء، منهم عيسى بن عَصبَة (¬1) أبو جُويرة، فقال:
هلك (¬2) الجُودُ والجُنَيدُ جميعًا ... فعلى الجود والجُنَيدِ السلامُ
أصْبَحا ثاوَيينِ في بطن مَرْوٍ ... ما تغنَّى على الغصونِ الحَمَامُ (¬3)
كنتُما نُهْزَةَ الكرامِ فلمَّا ... مِتَّ ماتَ النَّدَى وماتَ الكِرامُ
ثم إنَّ عيسى [بن عَصَبَة] قدم العراق، فلما دخل على خالد القسريّ يمدحُه قال له: ألستَ القائل (¬4): ذهب (¬5) الجودُ والجُنَيدُ جميعأ؟ ! اذهب إلى حيثُ دفنتَ الجُودَ فاستخرِجْهُ (¬6). فقال: أنا قائل هذا، وأنا الذي أقول:
لو كان يقعدُ فوق الشمس من كَرَمٍ ... قومٌ بأوَّلهم أو مَجْدِهم قَعَدُوا
أوْ خَلَّدَ الجُودُ أقوامًا ذَوي حَسَبٍ ... فيما يحاولُ من آجالهم خَلَدُوا
قومٌ أبوهُمْ سِنانٌ حينَ تَنْسِبُهمْ ... طابوا وطابَ من الأولاد ما وَلَدُوا
يُحَسَّدُونَ على ما كان من نِعَمٍ ... لا يَنْزغُ اللهُ عنهم ما لَه حُسِدُوا
فخرج ولم يعطه شيئًا (¬7).
وقوله: أبوهم سِنان، هو جدُّ الجُنَيد؛ لأنه الجُنَيد بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث بن خارجة بن سِنان المُرِّيّ.
¬__________
(¬1) تحرف في النسخ إلى: عصمة، وكذا في الموضع التالي. وهو عيسى بن أوس بن عصبة، كما في "المؤتلف والمختلف" للآمدي ص 107، والخبر في "تاريخ" دمشق 4/ 46 (مصورة دار البشير- ترجمة الجنيد).
(¬2) في رواية في "تاريخ دمشق" 4/ 45، و"مختصره" 6/ 128: ذهب.
(¬3) في (ص): حمام.
(¬4) عبارة (ص): قدم العراق بعد ذلك، فامتدح خالد بن عبد الله القسري، فقال له خالد: ألست القائل ...
(¬5) في (ص): هلك. وينظر الكلام قبل تعليقين.
(¬6) في (ص): ما لك عندنا شيء، بدل قوله: اذهب إلى حيث دفتتَ الجود فاستخرجه. ومن هذا الموضع إلى نهاية الترجمة، ليس في (ص).
(¬7) الأمالي 1/ 105 - 106، وتاريخ دمشق 4/ 45. والبيتان الأول والأخير في "أنساب الأشراف" 12/ 15. وبعض الأبيات لزهير بن أبي سُلمى، وهي في "ديوانه" ص 282، وينظر "تاريخ" الطبري 4/ 223، و"العقد الفريد" 5/ 291.

الصفحة 47