كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

المؤمنين، أسعدك [الله] في أمورك كلِّها, نحن بناتُ عمِّك وأخيك (¬1)، فليَسَعْنا من عَفْوكم ما وَسِعَكُم من جَوْرِ أسلافنا. فقال صالح: ألم يقتل يزيدُ الحُسينَ بنَ عليّ ومعه ثمانيةَ عشرَ من ولد عليّ بن أبي طالب؟ ! ألم يُخرج حُرَمَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وبناتِه وأهلَه سبايا على أقتاب الجمال بارزاتٍ كاشفاتٍ رؤوسَهنَّ، مُوثقات لا وطاء تحتهنّ، ولا غطاءَ فوقهنَّ؟ ! ورأسُ الحسينِ يُطافُ به في البلدان على قَناة كأنَّه رأسُ بعض الكفَّار؟ ! أما أوْقَفَ بناتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موقف السبايا يتصفَّح وجوهَهنَّ أهلُ الشام، ويطلبون منه أن يهبَ لهم بعضهم؟ ! ألم يضرب ثنايا ابنِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ! ألم يقتل هشامٌ زيدَ بنَ عليّ وصلَبَه مدَّة سنتين، ثم أحرقه ونسفَه في التراب؟ ! ألم يقتل الوليدُ بنُ يزيد ولدَه يحيى، وفعلَ به كما فعل هشام بأبيه؟ ! ألم يقتل أبوك أخي إبراهيم؟ ! ألم، ألم ... وعدَّد هناتِ بني أمية. فقالت: يا عمّ، إنَّ الله سبحانه يقول في كتابه الكريم الذي أنزله على رسوله: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} {وَأَنْ لَيسَ لِلْإِنْسَانِ إلا مَا سَعَى} ولم نفعل ممَّا ذكرتَ شيئًا ولا أردناه، إنما ينبغي أن يقابل الظالم، لا المظلوم. فقال صالح: قد وسعكم عفونا، فإنْ شئتِ زوَّجتُك الفضلَ بنَ صالح، أو رددتُكم إلى حرَّان. فقالت: تَرُدُّنا إلى حرَّان. فقال: أفعل (¬2).
وعاش مروان سبعًا وخمسين سنة، وقيل: اثنتين وستين، وقيل: تسعًا وستين، وكانت مدة ولايته منذ بُويع إلى أن قُتل خمس سنين وعشرة أشهر وستة عشر يومًا (¬3).
ذكر أولاده:
كان له من الولد عبدُ الله، وعُبيد الله، وعبدُ الملك -وبه كان يكنى، وهو أكبر ولده- ومحمد، وعبد العزيز، وأبان، ويزيد، وأبو عثمان، وعبد الغفَّار (¬4).
والمشهور من ولده عبدُ الله وعُبيدُ الله؛ خرجا هاربَيْنِ إلى الحبشة.
¬__________
(¬1) في "مروج الذهب" 6/ 78 (والخبر فيه بنحوه): نحن بناتك وبنات أخيك وابن عمِّك.
(¬2) ينظر "مروج الذهب" 6/ 78 - 80، و"الكامل" 5/ 427 - 428.
(¬3) تاريخ الطبري 7/ 442. وينظر "العقد الفريد" 4/ 469، و"مروج الذهب" 6/ 47 - 48.
(¬4) العقد الفريد 4/ 469، وجمهرة أنساب العرب ص 107. وذكر البلاذري في "أنساب الأشراف" 7/ 562 عن أبي اليقظان أنه لا يُعلم لمروان ولد غير عبد الله وعُبيد الله وعبد الملك وعبد الغفار.

الصفحة 476