كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

وكان الجنيد من الأجواد الممدَّحين، ولم يكن بالمحمود في حروبه.
ولما احتُضر جاءه مؤذِّنُه يُؤْذِنُه بالصلاة، فقال: الصلاةَ أيها الأمير. فقال: يا ليتَها لم تُقل لنا (¬1).

حفصة (¬2) بنت سِيرِين
أخت محمد [بن سِيرِين] الزاهدة العابدة.
[ذكر ابن أبي الدنيا في كتاب "الفوائد" بإسناده عن] هشام بن حسان [أنها] قرأتِ القرآن (¬3) وهي ابنةُ اثنتي عشرة سنة، وماتت وهي بنتُ تسعين سنة، ومكثت في مُصلّاها ثلاثين سنة لا تخرج إلا لحاجة، وكانت تختِمُ القرآنَ كل يوم وليلة (¬4)، وتصومُ الدهر، وتُفطر العيدَين وأيَّام التشريق.
واشترت جاريةً، فقيل للجارية: كيف رأيتِ مولاتَكِ؟ فقالت: صالحة؛ إلا أنَّها قد أذْنَبَتْ ذنبًا عظيمًا فهي الليلَ كلَّه تبكي وتصلِّي.
[وقال ابن أبي الدنيا بإسناده إلى هشام بن حسان قال: ] جاءت [حفصة] إلى بيتها (¬5)، فإذا زوجُها على فراشها مع جارية له، فأغلقت الباب، ولم تتكلَّم، فلما كان بعد مدَّة، ضرب زوجُها الجاريةَ، فقالت له [حفصة]: أتضربُ العروس؟ ! فقال: وقد علمتِ؟ ! فوهبَ الجاريةَ لها.
[وقال هشام بن حسان: ] كان لحفصة كَفَنٌ مُعَدٌّ، فإذا حجَّتْ وأحرَمَتْ؛ لَبِسَتْه، وإذا كان العشر الآخر (¬6) من رمضان لَبِسَتْهُ، وقامت فيه الليل.
[قال: ] وكانت تقول: أما تستحي الحرَّة تغار؟
¬__________
(¬1) تاريخ دمشق 4/ 47 (مصورة دار البشير).
(¬2) في (ص): فصل، وفيها توفيت حفصة ...
(¬3) في (ب) و (خ) و (د): وقال هشام بن حسان: قرأت القرآن ... والمثبت من (ص)، والكلام بين حاصرتين منها.
(¬4) عبارة "صفة الصفوة" 4/ 26: تقرأ نصف القرآن في كل ليلة.
(¬5) في (ب) و (خ) و (د): وجاءت إلى بيتها ... والمثبت عبارة (ص) والكلام بين حاصرتين منها. وجاء هذا الخبر فيها بعد قوله أواخر الترجمة: وكذا الحسن وعلماء البصرة.
(¬6) في (ب) و (د): الأواخر.

الصفحة 48