كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

قال: ] وسكن علي الشَّراة من أرض البلقاء، وكان له دارٌ بدمشق قِبليّ سوق الدوابّ (¬1).
و[قال المدائني: ] كان صديقًا لعبد الملك بن مروان، وكان [عبد الملك] يحترمُه، دخل عليه يومًا والبرد شديد وقد حال بينهما دخان العُود، فقال له: احمدِ اللهَ يا أمير المؤمنين على ما أنت فيه من الدِّفْء، وممَّا الناسُ فيه من البرد. فقال له عبد الملك: يا أبا محمد، أبعْدَ ابن هند؟ ! كان أميرًا عشرين سنة، وخليفةَ مثلُها، أصبحَ تهتزُّ على قبره يَنْبُوتة، ما هو إلا كما قال الشاعر:
وما الدَّهْرُ والأيامُ إلا كما ترى (¬2) ... رَزِيَّةَ مالٍ أو فراقَ حَبِيبِ
وإنَّ امْرَأً قد جرَّبَ الدَّهْرَ لم يَخَفْ ... تصرُّفَ عصرَيهِ لَغيرُ أرِيبِ
ودخل عبد الملك بن حُريث بن عبد الله (¬3) العُذري (¬4) على الوليد بن عبد الملك وهو خليفة، فسأله حَمَالةً (¬5)، فزَبَرَهُ الوليد بنُ عبد الملك وقال: أنت صِهْرُ لَطيم الشيطان، -يعني عمرَو بنَ سعيد الأشدقَ، وكانت أمُّ حبيب بنت حُريث العُذْريّ (¬6) تحت عَمرو، وولَدَتْ له سعيدًا وأميَّة- فقال: ما أنا صهرَ لَطِيم الشيطان، أنا صهرُ أبي أميَّة عَمرو بن سعيد.
ثم أنشدَ شعر يحيى بن الحكم فقال:
وما كان عَمرٌو عاجزًا غيرَ أنَّهُ ... أتَتْهُ المنايا بغتةً وهو لا يدري
فلو أنَّ عَمرًا كان بالشام زُرْتُهُ ... بأغوارها أو حَلَّ يومًا على مِصْرِ
¬__________
(¬1) المصدر السابق 51/ 36.
(¬2) في "أنساب الأشراف" 3/ 82: أرى. وينظر الخبر فيه.
(¬3) في "أنساب الأشراف" 3/ 80: عبد الملك بن عبد الله بن نُديرة.
(¬4) في (ب) و (خ): العدوي. والمثبت من (د)، وهو موافق لما في المصدر السابق. والكلام من هذا الموضع إلى الكلام عن وفاته (قبل ذكر أولاده) ليس في (ص).
(¬5) الحَمَالة: هي ما يحملُه قوم عن قوم من ديّة أو غرامة، ولم تُجوَّد اللفظة في (ب) و (خ) (والكلام منهما) فوقع رسم اللفظة: حاله. والمثبت من "أنساب الأشراف" 3/ 80. وسترد اللفظة على الصواب أواخر الخبر.
(¬6) تحرفت في النسخ إلى: العدويّ.

الصفحة 64