كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

وفيها عزلَ هشام بنُ عبد الملك خالدَ بن عبد الملك عن المدينة، واستعملَ عليها محمد بنَ هشام والي مكة (¬1).
وكان خالد بنُ عبد الملك بن الحارث بن الحكم أقام واليًا على المدينة سبع سنين، فرمى اللهُ المدينةَ وما حولَها بالجَدْب والقحط حتى هجَّ الناس إلى الشام، وبولايته يُضرب المثل، فيقال: سُنَيَّات خالد (¬2).
وحجَّ خالد بالناس سنة أربع عشرة ومئة، وسبع عشرة، ثم عُزل في سنة ثمان عشرة ومئة.
وكان يشتم عليًّا رضوان الله عليه على المنبر؛ قال يومًا: ولقد استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا تراب وهو يعلم أنه كذا كذا، ولكن كلَّمته فيه فاطمة. فصاح به داود بن قيس: كذبتَ كذبتَ (¬3).
قال الواقدي: فحدثني [ابن أبي سَبْرَة، عن] صالح بن محمد قال: لما قال خالد ما قال، كنتُ نائمًا (¬4)، فرأيتُ قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد انشقَّ -وانفرج- وهو يقول لخالد: كذبتَ كذبتَ.
وحجَّ بالناس محمد بنُ هشام وهو على مكة والمدينة والطائف، وعلى العراق خالدٌ القَسْريّ، وعاملُه على البصرة بلال بن أبي بُرْدَة، وعلى خُراسان أخوه أسدُ بنُ عبد الله، وعلى أرمينية وأذربيجان مروانُ بنُ محمد (¬5).
¬__________
(¬1) تاريخ الطبري 7/ 111.
(¬2) تاريخ دمشق 5/ 506. وسُنَيَّات: تصغير سِنِين، صُغِّرت لتعظيمها، وهي جمع سُنَيّة. قال الثعالبي في "ثمار القلوب" ص 151: كان يقال: سُنَيَّات خالد، لا أعاد الله أمثالها. وينظر "كتاب سيبويه" 3/ 495.
(¬3) تاريخ دمشق 5/ 507 (مصورة دار البشير).
(¬4) تحرفت اللفظة في (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها) إلى: قائمًا. والصواب ما أثبتُّه. وعبارة المصدر السابق: "نمتُ وخالد بن عبد الملك يخطب يومئذ، ففزعت، وقد رأيتُ في المنام كأنّ القبر انفرج ... " وما سلف بين حاصرتين منه.
(¬5) تاريخ الطبري 7/ 112.

الصفحة 75