كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 11)

وأقام الجُنيد بسمرقند أربعة أشهر، وندبَ بعضَ الناس ليمضي من سمرقند إلى هشام، فجَبُنُوا، فبعث نَهارَ بنَ توسعة وقال له: ... (¬1) وكتب إليه: إنَّ سَوْرَة أمرتُه بلزوم الماء، فعصاني، فقُتل.
وقال نهار بن توسعة:
لعمريَ (¬2) ما حابيتَني إذْ بعثتَني ... ولكنَّما عَرَّضْتَني للمتالفِ
دعوتَ لها قومًا فهابُوا ركوبَها ... وكنتُ امْرأ ركَّابةً للمخاوفِ
وأيقنتُ إنْ لم يدفعِ اللهُ أنَّني ... طعامُ سِباعٍ أو لِطَيرٍ عَوائفِ
من أبيات.
فكتب هشام إلى الجُنيد: قد وجَّهتُ إليك عشرين ألفًا من أهل البصرة والكوفة، وبعث له سلاحًا كثيرًا، منه ثلاثون ألف رمح، وثلاثون ألف قوس.
واسترجع هشام وقال: إنَّا لله، الجرَّاح بالباب، وسَوْرَة بخُراسان.
وأبلى نصر بن سيَّار في ذلك اليوم بلاءً حسنًا ولم يشكره الجُنيد، فقال نصر:
إنْ تحسُدُوني على حُسْنِ البلاء لكم ... يومًا فمثلُ بلائي جرَّ لي الحَسَدا
يَأبَى الإلَهُ الَّذي أعلى بقدرتِهِ ... كعبي عليكم وأعطى (¬3) فوقكم عَضُدا (¬4)
وضَرْبيَ التُّركَ عنكم يومَ فَرْقِكُمُ ... بالسيف في الشِّعْبِ حتَّى جاوزَ السَّنَدَا
هلَّا شكرْتُمْ (¬5) دفاعي عن حَرِيمِكُمُ (¬6) ... وَقْعَ القَنَا وشهابُ الحربِ قد وَقَدَا
من أبيات.
وكان التُّرك قد قصدوا الجُنيد، فمال به نَصْر بن سَيَّار إلى سند الجبل (¬7) وحماه.
¬__________
(¬1) مكان النقاط في النسختين ما صورته: لقد جئتك بهشام (؟ )
(¬2) في "تاريخ" الطبري 7/ 78: لعمرك.
(¬3) في (ب) و (خ): وغطى. والمثبت من "تاريخ" الطبري 7/ 80 و 84، و"الكامل" 5/ 170.
(¬4) في الرواية الأخرى في "تاريخ" الطبري، و"الكامل": عُدَدَا.
(¬5) في "الكامل" 5/ 171: هلَّا شهدتمُ.
(¬6) في "تاريخ" الطبري 7/ 84، و"الكامل" 5/ 171: جُنيدكم. وهو الوجه لما سيأتي.
(¬7) سَنَد الجبل: ما قابَلَكَ منه وعلا عن السَّفْح.

الصفحة 8