كتاب تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (اسم الجزء: 11)

والأثاث متاع البيت. وقيل: هو ماجد الْفَرْشِ وَالْخُرْثِيُّ مَا لُبِسَ مِنْهَا وَأَنْشَدَ الْحَسَنُ ابن عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ فَقَالَ:
تَقَادَمَ الْعَهْدُ مِنْ أُمِّ الْوَلِيدِ بِنَا ... دَهْرًا وَصَارَ أَثَاثُ الْبَيْتِ خُرْثِيَّا
وقال ابن عباس: هيئة. مقاتل ثيابا" وَرِءْياً" أَيْ مَنْظَرًا حَسَنًا. وَفِيهِ خَمْسُ قِرَاءَاتٍ: قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ:" وَرِيًّا" بِغَيْرِ هَمْزٍ. وَقَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ:" وَرِئْيًا" بِالْهَمْزِ. وَحَكَى يَعْقُوبُ أَنَّ طَلْحَةَ قَرَأَ:" وَرِيًا" بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ مُخَفَّفَةٍ. وَرَوَى سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «١»:" هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَزِيًّا" بِالزَّايِ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ قِرَاءَاتٍ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَيَجُوزُ" هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِيئًا" بِيَاءٍ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ. النَّحَّاسُ: وَقِرَاءَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا حَسَنَةٌ وَفِيهَا تَقْرِيرَانِ: أَحَدُهُمَا- أَنْ تَكُونَ مِنْ رَأَيْتُ ثُمَّ خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ فَأُبْدِلَ مِنْهَا يَاءٌ وَأُدْغِمَتِ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ. وَكَانَ هَذَا حَسَنًا لِتَتَّفِقَ رُءُوسُ الْآيَاتِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَهْمُوزَاتٍ. وَعَلَى هَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الرِّئْيُ الْمَنْظَرُ، فَالْمَعْنَى: هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَلِبَاسًا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي- أَنَّ جُلُودَهُمْ مُرْتَوِيَةٌ مِنْ النِّعْمَةِ، فَلَا يَجُوزُ الْهَمْزُ عَلَى هَذَا. وَفِي رِوَايَةِ وَرْشٍ عَنْ نَافِعٍ وَابْنِ ذَكْوَانَ عن ابن عامر" وَرِءْياً" بِالْهَمْزِ تَكُونُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. وَهِيَ قِرَاءَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَبِي عَمْرٍو مِنْ رَأَيْتُ عَلَى الْأَصْلِ. وَقِرَاءَةُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ (وَرِيًا) بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ مُخَفَّفَةٍ أَحْسَبُهَا غَلَطًا. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أَنَّهُ كَانَ أَصْلُهَا الْهَمْزَ فَقُلِبَتِ الْهَمْزَةُ ياء، ثم حذفت إحدى الياءين. المهدوي: ويجوز أن يكون" رِءْياً" فقلبت ياء فصارت رئيا ثُمَّ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ عَلَى الْيَاءِ وَحُذِفَتْ. وَقَدْ قَرَأَ بَعْضُهُمْ" وَرِيًّا" عَلَى الْقَلْبِ وَهِيَ الْقِرَاءَةُ الْخَامِسَةُ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ رَاءَ بِمَعْنَى رَأَى. الْجَوْهَرِيُّ: مَنْ هَمَزَهُ جَعَلَهُ مِنَ الْمَنْظَرِ مِنْ رَأَيْتُ، وَهُوَ مَا رَأَتْهُ الْعَيْنُ مِنْ حَالٍ حَسَنَةٍ وَكِسْوَةٍ ظَاهِرَةٍ. وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِمُحَمَّدِ بْنِ نُمَيْرٍ الثَّقَفِيِّ فَقَالَ:
أَشَاقَتْكَ الظَّعَائِنُ يَوْمَ بَانُوا ... بِذِي الرِّئْيِ الْجَمِيلِ مِنَ الْأَثَاثِ
وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ أَوْ يَكُونَ مِنْ رَوِيَتْ أَلْوَانُهُمْ وَجُلُودُهُمْ رِيًّا، أَيِ امْتَلَأَتْ وَحَسُنَتْ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ والأعسم المكي «٢»
---------------
(١). الذي في الشواذ لسعيد بن جبير.
(٢). في التهذيب: الكوفي.

الصفحة 143