كتاب مصنف ابن أبي شيبة ط السلفية بالهند (اسم الجزء: 11)

وَعَرَفُوهُ ، فَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ رَكَدَتْ , وَالسُّفُنُ تَسِيرُ يَمِينًا وَشِمَالاً ، فَقَالُوا : مَا لِسَفِينَتِكُمْ ؟ قَالُوا : مَا نَدْرِي ، قَالَ يُونُسُ : إنَّ فِيهَا عَبْدًا أَبَقَ مِنْ رَبِّهِ , وَإِنَّهَا لاَ تَسِيرُ حَتَّى تُلْقُوهُ , فَقَالُوا : أَمَّا أَنْتَ يَا نَبِيَّ اللهِ فَلا وَاللهِ لاَ نُلْقِيك.
فَقَالَ لَهُمْ يُونُسُ : فَاقْتَرِعُوا فَمَنْ قُرِعَ فَلْيَقَعْ ، فَقَرَعَهُمْ يُونُسُ فَأَبَوْا أَنْ يَدَعُوهُ ، فَقَالُوا : مَنْ قَرَعَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَلْيَقَعْ , فَقَرَعَهُمْ يُونُسُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَوَقَعَ ، وَقَدْ كَانَ وُكِّلَ بِهِ الْحُوتُ ، فَلَمَّا وَقَعَ ابْتَلَعَهُ فَأَهْوَى بِهِ إلَى قَرَارِ الأَرْضِ , فَسَمِعَ يُونُسُ عَلَيْهَ السَلام تَسْبِيحَ الْحَصَى {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَك إنِّي كُنْت مِنْ ألظَّالِمِينَ} ظُلُمَاتٌ ثَلاَثٌ , ظُلْمَةُ بَطْنِ الْحُوتِ , وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ , وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ ، قَالَ : {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} قَالَ : كَهَيْئَةِ الْفَرْخِ الْمَمْعُوطِ , لَيْسَ عَلَيْهِ رِيشٌ ، وَأَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ كَانَ يَسْتَظِلُّ بِهَا وَيُصِيبُ مِنْهَا , فَيَبِسَتْ فَبَكَى عَلَيْهَا حِينَ يَبِسَتْ , فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ : تَبْكِي عَلَى شَجَرَةٍ يَبِسَتْ ، وَلاَ تَبْكِي عَلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ أَرَدْت أَنْ تُهْلِكَهُمْ.
فَخَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِغُلاَمٍ يَرْعَى غَنَمًا ، فَقَالَ : مِمَّنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ ، فَقَالَ : مِنْ قَوْمِ يُونُسَ ، قَالَ : فَإِذَا رَجَعْت إلَيْهِمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّك قَدْ لَقِيت يُونُسَ ، قَالَ : فَقَالَ الْغُلاَمُ : إنْ تَكُنْ يُونُسَ فَقَدْ تَعْلَمُ أَنَّه مَنْ كَذَبَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنْ يُقْتَلَ , فَمَنْ يَشْهَدُ لِي ، فَقَالَ لَهُ يُونُسُ : تَشْهَدُ لَك هَذِهِ الشَّجَرَةُ , وَهَذِهِ الْبُقْعَةُ ،

الصفحة 542